فالظن بالحكم متقدم على الظن بالضرر، وهو متقدم على تطبيق حكم العقل بقبح الإقدام على الصغرى، وهو متقدم على الحكم الشرعي المنكشف منه، فإذا تحقق الظن بالحكم جرت قاعدة البراءة والاستصحاب بلا مانع في البين، فإن موضوعهما الظن بالحكم، وقد تحقق، والفرض أن المانع ليس في هذه المرتبة، وفي الرتبة الثانية يتحقق الظن بالضرر، لكن في هذه الرتبة يكون التدارك بواسطة حكم الشرع بالترخيص ثابتا، فرتبة الظن بالضرر هي رتبة التدارك، فيصير موضوعا لحكم العقل بعدم القبح، لاحكمه بالقبح، فلا تصل النوبة إلى قاعدة قبح الإقدام على الضرر حتى ينكشف الحكم الشرعي، وتتحقق الحكومة، أو تتحقق حكومة الحكم العقلي.
فتحصل من جميع ذلك: أن تصحيح الحكومة والورود يتوقف على تقدم الشئ على نفسه، فالحق ما أفاده الشيخ في هذا المقام (1) لافي مبحث البراءة من أنه لا تجري البراءة العقلية والشرعية في موارد الظن بالضرر الدنيوي، كما نقل عنه (2).
قوله - رحمه الله -: ولو سلم... الخ (3).
أقول: هذا منه غريب، فإنه مع تسليم ملازمة الظن بالحكم للظن بالضرر الدنيوي والأخروي معا، فكيف يمكن جريان البراءة بالنسبة إلى الضرر