وثالثا: أن ما ادعى - من أن المراد من الحذر هو الحذر العملي، وهو يحصل بالعمل بقول المنذر - في محل المنع، بل الظاهر من الآية الشريفة أن المنذرين لينذروا قومهم بالموعظة، والايعاد بعذاب الله وشدة بأسه، حتى يخافوا من عقابه وعذابه، فإذا خافوا يعملون بوظائفهم الشرعية، وليست الآية في مقام بيان وجوب التحذر، حتى يقال: إنه تحذر عملي، بل الظاهر أن المقصود حصول التحذر القلبي والخوف والخشية للناس حتى يقوموا بوظائفهم.
ولا يلزم أن يكون المنذر عادلا، بل قد يكون تأثير كلام غيره كثر منه بمراتب، لحسن بيانه، وقوة إفهامه، ونفوذ كلامه.
وبالجملة: بين مضمون الآية الشريفة والدلالة على حجية الخبر الواحد، بون بعيد.
ورابعا: لو سكمنا جميع ذلك، فليس للآية إطلاق من هذه الجهة، فإنها ليست في مقام بيان وجوب التحذر، بل فيها إهمال من هذه الحيثية. ومجرد كون الجموع استغراقية لا يوجب رفع الإهمال، فإن الإطلاق من أحوال الفرد، وأي ربط بين استغراقية الجمع والإطلاق الفردي؟!
المفسرون (أ)، وليس المراد الاخبار بأمر واضح لم يختلج ببال أحد خلافه، إلا أن يحمل على كونه مقدمة لقوله: (فكولا نفر)، وهو خلاف الظاهر، بل ليس المراد بالنهي عن النفر إلا في مورد شأن نزول الآية، وإلا فعدم إمكان نفر جميع الناس في جميع الأدوار واضح لا يحتاج إلى النهي. [منه قدس سره] (أ) مجمع البيان 5: 83 سطر 21. (*)