منهم، ويتحذر كل واحد منهم.
الثالث: المراد من التحذر هو التحذر العملي، وهو يحصل بالعمل بقول المنذر وتصديق قوله، والجري على ما يقتضيه من الحركة والسكون، وليس المراد الحذر عند حصول العلم من قول المنذر، بل مقتضى الإطلاق والعموم الاستغراقي في قوله: * (لينذروا) * هو وجوب الحذر مطلقا، حصل العلم من قول المنذر أو لم يحصل، غايته أنه يجب تقييد إطلاقه بما إذا كان المنذر عدلا.
وبعد العلم بهذه الأمور لا أظن أن يشك أحد في دلالتها على حجية الخبر الواحد. وبما ذكرنا من التقريب يمكن دفع جميع ما ذكر من الإشكالات على التمسك بها، انتهى. ثم تصدى لبيان الإشكالات ودفعها (1).
أقول: يرد عليه: أولا: أن ما ادعى - من أن ما بعد كلمة " لعل " يكون علة غائية لما قبلها في جميع موارد استعمالاتها - ممنوع، كما يظهر من تتبع موارد استعمالاتها، كما أن في قوله تعالى: * (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) * (2) لم يكن بخوع نفسه الشريفة علة غائية لعدم إيمانهم، ومعلوم أن الجملة الشرطية في حكم التقدم على جزائها. ولكن الخطب سهل بعد كون ما نحن فيه من قبيل ما أفاده رحمه الله.
وثانيا: أن دعوى كون التحذر واجبا - لكونه غاية للإنذار الواجب (3) -