هذا مضافا إلى ما مر ذكره من منع كون الاستصحاب من الأصول المحرزة:
أما على استفادة الطريقية من أدلته - كما قربناها (1) - فواضح، وأما على التنزل من ذلك فلا يستفاد منها إلا وجوب ترتيب آثار الواقع على المشكوك وعدم جواز رفع اليد عن الواقع بمجرد الشك، فالكبرى المجعولة في الاستصحاب ليست إلا الحكم التكليفي (2) وهو حرمة رفع اليد عن آثار الواقع، أو وجوب ترتيب آثاره، وأما جعل الهوهوية فهو أجنبي عن مفادها.
وأما قاعدة التجاوز والفراغ فمفاد أدلتها - أيضا - ليس إلا الحكم التكليفي، وهو وجوب المضي وعدم الاعتناء بالشك وترتيب آثار إتيان الواقع المشكوك فيه، وهذا حكم تكليفي أجنبي عما ذكره من جعل الهوهوية.
وليت شعري أنه ما الداعي إلى رفع اليد عن ظواهر الأدلة الكثيرة في باب الطرق والأمارات وأبواب الأصول والالتزام بما لاعين له في الأدلة ولا أثر؟
ولعل الإشكال المتقدم ألجأه إلى الالتزام بهذه الأمور الغريبة البعيدة عن مفاد الأدلة بل عن مذاق الفقاهة، مع أنها - كما عرفت - لا تسمن ولا تغني من جوع.
وبما ذكرنا - مع ما يأتي في محله (3) - يظهر أن الأصول التنزيلية - بما ذكره - مما لا أساس لها أصلا، ولا داعي للالتزام بها، كما أنه لا داعي للالتزام بما التزم به