ومنها اقتضاء الأمر الفورية.
الثالثة: - وهي العمدة في الباب - أن القيود اللبية قد يمكن أن تؤخذ في المأمور به على نحو القيدية اللحاظية، كالإيمان والكفر للرقبة، والطهور والستر في الصلاة، وقد لا يمكن أن تؤخذ بنحو اللحاظ، كقيد الإيصال في المقدمة على تقدير وجوبها، فإن المطلقة منها غير واجبة، والتقيد بالإيصال غير ممكن، فليس فيها الإطلاق ولا التقييد، ولكن لا تنطبق إلا على المقيدة، كالعلل التكوينية، فإن تأثيرها ليس في المهية المطلقة، ولا المقيدة بقيد المتأثرة من قبلها، بل في المهية التي لا تنطبق إلا على المقيدة بهذا القيد، فالنار إنما تؤثر في الطبيعة المحترقة من قبلها واقعا، لا المطلقة ولا المقيدة، ومن هذا القبيل العلل التشريعية، فإنها - أيضا - تحرك العبد نحو الطبيعة المتقيدة لبا بتحريكها إياه نحوها، لا المطلقة ولا المقيدة بالتقيد اللحاظي.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن الطبيعة لما كانت قابلة للتكرار والكثرة، فإذا أثرت فيها العلل المتكثرة تتكثر لا محالة باقتضائها، فإذا أوجد المكلف فردا من الطبيعة بغير داعوية الأمر لم يأت بالمأمور به وإن أتى بالطبيعة، فإن المأمور به هو الطبيعة المتقيدة لبا بتحرك المكلف نحوها بداعوية الأمر وباعثيته، فما لم ينبعث بباعثيته لم يأت بالطبيعة المأمور بها، فعليه يكون مقتضى الأصل اللفظي في الأوامر هو التعبدية والتحرك بداعوية الأمر. انتهى ملخص ما أفاده قدس سره.
وفيه أولا: أن قياس العلل التشريعية بالعلل التكوينية مع الفارق، فإن العلل التكوينية يكون تشخص معلولاتها بها، فإن المعلول صرف التعلق