المدعى (1) في المقام مما لا اعتبار لمحصله، فضلا عن منقوله، لأن المسألة عقلية ربما يكون المستند فيها هو الحكم العقلي لاغير، فالعمدة هو الرجوع إلى العقل الحاكم في باب الطاعات.
فنقول: إن الآتي بالمأمور به مع جميع قيوده وشرائطه بقصد إطاعة أمره ولو احتمالا يكون عمله صحيحا عقلا، ولو لم يعلم حين الإتيان أن ما أتى به هو المأمور به، فإن العلم طريق إلى حصول المطلوب، لا أنه دخيل فيه.
ودعوى: كون العلم التفصيلي دخيلا في حصول المطلوب وتحقق الطاعة، ممنوعة جدا، فإن العقل كما يحكم بصحة عمل من صلى الجمعة مع علمه بوجوبها تفصيلا، يحكم بها لمن صلى الجمعة والظهر بقصد طاعة المولى مع علمه بوجوب أحدهما إجمالا، بلا افتراق بينهما ولاتقدم رتبة أحدهما على الآخر.
فدعوى لزوم كون الانبعاث عن البعث المعلوم تفصيلا خالية عن الشاهد، بل العقل شاهد على خلافها، ولا شبهة في هذا الحكم العقلي أصلا، فلا تصل النوبة إلى الشك.
بل لنا أن نقول: لو بنينا على لزوم كون الانبعاث عن البعث المعلوم يكون الانبعاث في أطراف العلم الإجمالي عن البعث المعلوم، فإن البعث فيها معلوم تفصيلا والإجمال إنما يكون في المتعلق، ودعوى لزوم تميز المتعلق وتعينه في حصول الإطاعة ممنوعة جدا.