إنكار الحسن والقبح العقليين، وعدم دوران أحكام الشارع مدار المصالح والمفاسد، وأنه - تعالى - مقترح في أحكامه من دون مرجح، ولامانع من الترجيح بلا مرجح، ولما كان هذا القول في غاية السقوط أعرض عنه المحققون منهم، والتزموا بثبوت المصالح والمفاسد، لكن اكتفوا بالمصلحة والمفسدة النوعية القائمة بالطبيعة في صحة تعلق الأمر ببعض الأفراد وان لم يكن لتلك الأفراد خصوصية، ويصح ترجيح بعض الأفراد بلا مرجح على بعضها بعدما كان مرجح في أصل الطبيعة، ومثلوا برغيفي الجائع وطريقي الهارب مع تساوي الطرفين، فإنه لا إشكال في اختيار أحدهما من غير مرجح أصلا، لأن المفروض تساويهما من جميع الجهات.
قال الفاضل المقرر (1) - دام علاه -: إن شيخنا الأستاذ يميل إلى هذا القول بعض الميل، وهذا ليس بتلك المثابة من الفساد، ويمكن الالتزام به، ولا ينافيه تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد، لكفاية المصلحة النوعية في ذلك، وما لا يمكن الالتزام به هو إنكار المصالح والمفاسد مطلقا، لعدم معقولية الترجيح بلا مرجح (2). انتهى.
أقول: كما أن القول باقتراح الشارع الأحكام من غير مرجح في غاية