وأما الاستصحاب فما كان مفاده مناقضا لأصل الإلزام وجنس التكليف كاستصحاب الاستحباب والكراهة والإباحة فعدم جريانه معلوم، لعدم الموضوع له.
وأما استصحاب عدم الوجوب وعدم الحرمة فالظاهر جريانهما وسقوطهما بالمعارضة، كما عرفت في جريان أصل البراءة، ولامانع من جريانهما سوى ما أفاد العلامة الأنصاري (1) من عدم جريان الأصول في أطراف العلم مطلقا، للزوم مناقضة صدر الأدلة مع ذيلها، وسيأتي ما فيه (2)، وسوى ما في تقريرات بعض المشايخ - قدس سره - وسيأتي ما فيه، فانتظر (3).
إن قلت: جريان الاستصحابين - بل مطلق الأصول - في مورد الدوران يلزم منه اللغوية، فإن الإنسان - تكوينا - لا يخلو عن الفعل أو الترك، وهما مفاد استصحاب عدم الوجوب وعدم الحرمة، فوجودهما وعدمهما على السواء، وكذا الحال في أصالة البراءة عن الوجوب والحرمة.
وإن شئت قلت: لا معنى لجريان الأصل العملي في مورد ليس فيه عمل يمكن التعبد به، كما فيما نحن فيه، فإن أحد الطرفين ضروري التحقق.
قلت: نعم، لو كان مفاد الأصل هو مجموع كلا الطرفين فمع لزوم اللغوية يلزم منه المناقضة مع المعلوم في البين، لكن قد عرفت ما فيه.