«وظهر مما ذكرنا اندفاع ما يقال من أن منع نصب الطريق لا يجامع القول ببقاء الأحكام الواقعية، إذ بقاء التكليف من دون نصب طريق إليها ظاهر البطلان».
«توضيح الاندفاع: أن التكليف إنما يقبح مع عدم ثبوت الطريق رأسا ولو بحكم العقل الحاكم بالعمل بالظن مع عدم الطريق الخاص [أو مع ثبوته وعدم رضاء الشارع بسلوكه، وإلا فلا يقبح التكليف مع عدم الطريق الخاص] (1) وحكم العقل بمطلق الظن ورضاء الشارع به، ولهذا اعترف [هذا] (2) المستدل بأن الشارع لم يجعل (3) طريقا خاصا يرجع إليه عند انسداد باب العلم في تعيين الطرق الشرعية مع بقاء التكليف بها» (4).
أقول: لما ذا تراه عدل عن العبارة المتداولة في أمثال المقام - أعني المنع - إلى إمكان المنع، أما أنا فأرى أنه - قدس سره - علم أن من الواضح الذي لا يرتاب فيه وجود الطريق المنصوب، فمنعه ورعه، وتحرجه عن منع يعلم خلافه إلى دعوى إمكانه، والإمكان باب واسع لا يغلق إلا على شريك الباري ونحوه، وصاحب الفصول لا يدعي الوجوب العقلي حتى ينافيه الإمكان، بل يدعي القطع بوجود الطريق وهو - طاب ثراه - يعلم أنه صادق في دعواه، وكلامه شاهد له، فراجع ما ذكره من الإجماع، والسيرة، وتواتر الأخبار على حجية خبر الواحد في الجملة (5).
وليس بمنفرد في دعواه، إذ يشاركه فيها عيون الطائفة الحقة، ووجوهها