ذلك الأمر الشائع في موارد لا تحصى كثرة، فمجاز الحذف لا يجري على الاصطلاح في المجاز، بحيث يعد قسيما للأقسام المتقدمة، إلا أن يكون مجازا في لفظ المجاز.
(إطلاق اللفظ على اللفظ) قال في الفصول ما لفظه: «قد يطلق اللفظ ويراد به نوعه مطلقا أو مقيدا كما يقال: (ضرب) موضوع لكذا، أو فعل، أو أنه في قولك: زيد ضرب. خبر إذا لم يقصد به شخص القول، وقد يطلق ويراد به فرد مثله كقولك: زيد - في قولك:
ضرب زيد - فاعل إذا أريد به شخص القول، وربما يرجع هذا - كسابقه - إلى القسم الأول إذا كانت الخصوصية مستفادة من خارج».
«وأما لو أطلق وأريد به شخص نفسه كقولك: زيد لفظ، إذا أردت به شخصه ففي صحته بدون تأويل نظر لاستلزامه اتحاد الدال والمدلول، أو تركيب القضية من جزءين مع عدم مساعدة الاستعمال عليه» (1).
أقول: وبالتأمل فيما سبق في أصلي الوضع والاستعمال يظهر أن هذا الإطلاق ليس على نحو الاستعمال أصلا، وذلك لأن الوضع هو تعهد الاستعمالات بمعنى تعهد المتكلم بأنه لا ينطق بلفظ زيد قائم - مثلا - إلا إذا أراد إثبات صفة القيام لهذا الشخص، وبعبارة أخرى: لا يسمعه اللفظ إلا إذا أراد إفهام شيء آخر، وبعبارة ثالثة: يحكم على اللفظ ويحكم به لا بما هو لفظ، بل بما هو مرآة للغير.
فإذا أراد به إثبات تلك الصفة له فقد حصل الاستعمال وتمت الدلالة بواسطة الوضع.