(الموضوع والموضوع له) أما الموضوع: فكل ما تناله يد القدرة رفعا ووضعا، أو إيجاده على عدد خاص أو كيفية خاصة ونحو ذلك، وأمكن إعلام الغير به فهو قابل للوضع، وأتم الموضوعات نفعا، وأسهلها استعمالا الألفاظ، ثم الكتابة وإن كانت تفوق على الألفاظ بإمكان الإفهام لغير الحاضرين، بل لغير الموجودين، وبقائه بها في آلاف من السنين، ثم ما بعدهما من المراتب، حتى تنتهي النوبة إلى النصب التي لا يعلم بها إلا الطريق، وعدد الفراسخ ونحوهما.
وأما الموضوع له: فكل ما يتعلق الغرض بإفهامه الغير يكون قابلا للوضع له، سواء كان معقولا أوليا أو ثانويا (1)، كليا أو جزئيا، إلى غير ذلك من الأقسام التي يصعب سردها، بل يتعذر عدها حتى أنه يمكن وضع اللفظ للفظ ومنه أسامي الحروف، فلفظ الجيم موضوع لأول الحروف من لفظ جعفر، والعين لثانيها كما قال الخليل، وعد جماعة أسماء الأفعال منه، وزعموا أن لفظ (صه) مثلا موضوع للفظ اسكت. وهكذا، ولكنه بعيد جدا، بل الظاهر أنها موضوعات لمعان الأفعال، لكن مع خصوصيات حرفية، فلفظ (صه) موضوع لطلب السكوت، لكن مع زجر ومنع زائد على ماهية الطلب، نظير وضع اليد على فم المتكلم حال الكلام، وكذلك لفظ (هلم) فهو موضوع لطلب المجيء، لكن مع خصوصية تشبه الإشارة باليد، ولعله لما فيه من الجفاء ومخالفة الأدب لا يخاطب الوضيع به الشريف، ولهذا (2) منعت من التصريف والاشتقاق، فهي بأن تسمي أفعال الحروف أولى وأجدر من تسميتها بأسماء الأفعال.