لا سبيل لنا بحكم العيان، وشهادة الوجدان إلى تحصيل كثير منها بالقطع، ولا بطريق معين يقطع من السمع بحكم الشارع بقيامه، أو قيام طريقه مقام القطع ولو عند تعذره، كذلك نقطع بأن الشارع قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طرقا مخصوصة، وكلفنا تكليفا فعليا بالرجوع إليها في معرفتها، ومرجع هذين القطعين عند التحقيق - إلى أمر واحد، وهو القطع بأنا مكلفون تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى طرق مخصوصة، وحيث إنه لا سبيل لنا غالبا إلى تعيينها بالقطع، ولا بطريق يقطع من السمع بقيامه بالخصوص، أو قيام طريقه كذلك مقام القطع ولو بعد تعذره، فلا ريب أن الوظيفة في مثل ذلك بحكم العقل إنما هو الرجوع في تعيين تلك الطرق إلى الظن الفعلي الذي لا دليل على عدم حجيته، لأنه أقرب إلى العلم، وإلى إصابة الواقع مما عداه» (1).
وعلى هذه القطعة من كلامه اقتصر الشيخ في النقل، وأورد عليه بقوله:
«وفيه أولا، إمكان منع نصب الشارع طرقا خاصة للأحكام الواقعية، وافية بها، كيف؟ وإلا لكان وضوح تلك الطرق كالشمس في رابعة النهار، لتوفر الدواعي بين المسلمين على ضبطها، لاحتياج كل مكلف إلى معرفتها أكثر من حاجته إلى مسألة صلواته الخمس.
واحتمال اختفائها مع ذلك - لعروض دواعي الاختفاء، إذ ليس الحاجة إلى معرفة الطريق أكثر من الحاجة إلى معرفة المرجع بعد النبي - مدفوع بالفرق بينهما كما لا يخفى.
وكيف كان فيكفي في رد الاستدلال احتمال عدم نصب الطريق الخاص للأحكام وإرجاع امتثالها إلى ما يحكم به العقلاء، وجرى عليه ديدنهم في امتثال أحكام الملوك والموالي، إلى أن قال: