ومن العجيب أن العلامة - الجد - استدل على مطلب واحد - وهو حجية الظن الخاص - بالوجوه الثمانية أو السبعة (1)، ولكن قلم الشيخ - طاب ثراه - شتت شملها، وفرق بينها، وجعل السادس منها دليلا على الظن الخاص، وذكره في سياق الأدلة العقلية الدالة على حجية خصوص الخبر الواحد (2)، وجعل الوجه الأول نتيجة للدليل على الظن المطلق (3)، وأشار إلى الثاني منها، ولم يتعرض لسائرها.
وقد ظهر للمنصف المتأمل فيما قلناه أن الكلامين الذين نقلتهما عن هذين الإمامين دليلان مستقلان على حجية الخبر الواحد ونحوه، قد نسفا بهما صرح الظن المطلق، وهدما بهما أساس دليل الانسداد ومبناه، لا أنهما بينا مفاده ومقتضاه.
وأراني لو وقفت بالقلم على هذا الحد لكان كافيا للدفاع عن الإمامين - العم والجد - ولكن حيث إنهما أوردا الأفهام الصافية شرعة الحق، وحجرا عليها ورد شريعة الظن المطلق لزمنا التأسي بهما، والجواب عما اعترض به عليهما، ليعلم أنه:
إذا وردنا آجنا جهرناه ولا يطاق ورد ما منعناه ونقدم كلام العلامة - العم - تأسيا بالشيخ الأعظم، وليكون كالمدخل إلى فهم كلام العلامة - الجد - فنقول: قال صاحب الفصول في تقرير دليل الانسداد على الوجه المعتمد عليه عنده، ما لفظه:
«إنا كما نقطع بأنا مكلفون في زماننا هذا تكليفا فعليا بأحكام فرعية كثيرة