المقدمة، كما ذكره، بل هو إما من قبيل الواجبات النفسية، كقوله [تعالى]: لا ينالون من عدو نيلا (1) إذ هو معنى الجهاد الواجب، أو من قبيل الآثار المترتبة على ما يصيب الإنسان من التعب والنصب.
وقد ورد نظيره كثيرا فيما يصيب الإنسان من غير اختياره، لتمحيص الذنوب، كالأجر على الحمى ونحوها.
وأما العقاب على الحرام الغيري فلا أذكر اليوم موردا له، وإن كان فهو من باب التحريم النفسي لبعض مقدمات الحرام، نظير تحريم النظر إلى الأجنبية، والخلوة معها، لصرف مصلحة عدم الوقوع في الزنا، ونحو ذلك (2).
(وجوب المقدمة من أي هذه الأقسام؟) وجوب المقدمة (3) يحتمل فيه وجوه ثلاثة:
أولها: أن تكون واجبة بوجوب غيري تبعي مترشح من الأمر النفسي المتعلق بذي المقدمة، فيكون في كل واجب له مقدمة وجوبان يختلفان في النوع.
ثانيها: أنه ليس إلا وجوب واحد، إن نسب إلى المقدمة كان غيريا، وإن نسب إلى ذيها كان نفسيا.
ثالثها (4): وجوبها نفسا بمعنى عدم تعلق الأمر النفسي حقيقة إلا بها.
أما الاحتمال الأول فهو المنسوب إلى المشهور، ويبعده صعوبة تصور أمر لا يوجد فيه شيء من خواص الأمر ولوازمه من ثواب أو عقاب، بل وطاعة