(مقدمة الواجب) ومنهم (1) من جعل عنوان المسألة: ما لا يتم الواجب إلا به (2)، ولعله نظر إلى أن لفظ المقدمة ظاهر في العلة وأجزائها، والبحث في أعم منها ومن غيرها مما لا يتم إلا به كرفع الضد الشاغل لحيز ما لتحل محله الضد الآخر، فإن رفعه ليس من أجزاء العلة، وفيه كلام (3) يأتي في مسألة الضد إن شاء الله.
والمشهور لدى المتأخرين: إن البحث هنا في إيجاب الملازمة العقلية بين إيجاب الشيء وبين إيجاب مقدماته، وعدمه، فعلى هذا ينبغي ذكر هذا البحث في عداد مباحث المبادئ الأحكامية عند تقسيم الحكم إلى الخمسة المعروفة، وإلى الوضعي والتكليفي كما صنعه جماعة أولا، ففي الأحكام العقلية لأن ثبوت الملازمة بينهما حكم عقلي صرف كما صنعه آخرون.
ويمكن أن يكون الكلام في ثبوت الدلالة اللفظية للهيئة على وجوب المقدمة وعدمه، فيدعي القائل بالوجوب دلالة اللفظ عليه كما ادعى غيره دلالته على الفور والتكرار، فالبحث إذن يناسب مباحث الألفاظ.
ويمكن أن يكون الكلام فيهما معا، إذ لا ملازمة بين المقامين ولا غناء لأحدهما عن الآخر، فيمكن القول بثبوت الملازمة العقلية، وعدم الدلالة اللفظية، وبالعكس كما في الفور والتكرار على القول بهما، أو بثبوتهما معا ونفيهما كذلك.