فإنه لا يدل غالبا إلا على رفع الأمر السابق، كما لو أمر الطبيب بملازمة شرب الدواء كل يوم، ثم قال بعد مدة: لا تشربه. فإنه لا يدل على أزيد من عدم لزوم شربه، فتأمل جيدا.
(الإجزاء) اختلفوا في أن إتيان المأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أم لا؟.
وليعلم أولا أن الأمر قد لا يلاحظ فيه إلا ذات المكلف، مع قطع النظر عن العناوين الطارئة عليه من اضطرار، أو خوف، أو جهل، ونحو ذلك، وقد يلاحظ بعضها معها.
وعلى الثاني إما أن يكون معه حكم آخر في غير مرتبته أم لا، والأول يسمى بالواقعي الأولي، والثاني بالحكم الظاهري، والثالث بالواقعي الثانوي، سمي واقعيا، لعدم وجود حكم آخر معه، وثانويا لأجل تقييد موضوعه ببعض الأحوال الطارئة المتأخرة عن ملاحظة المكلف بنفسه.
وبهذا يظهر الوجه في تسمية الأول بالواقعي الأولي، والثاني بالظاهري.
ثم إن إجزاء كل أمر عن نفسه إذا أتي به على وجهه أي مستجمعا لجميع الشرائط والأجزاء المأخوذة في موضوعه ينبغي أن يعد من البديهيات، ضرورة حصول متعلقة، فطلبه مع ذلك طلب الحاصل، ولا يشك في امتناعه العاقل، ولو فرض صدور الأمر ثانيا، يعني ما امر به أولا، فما هو إلا أمر آخر بفرد آخر من تلك الطبيعة، وكل منهما إذا أتي به على وجهه سقط التعبد به، وليس كلامنا في إمكان الأمر بفردين أو أكثر من طبيعة واحدة.
ومن ذلك يظهر للمتأمل أن القول بأن الأمر للتكرار لا ينافي القول بالإجزاء.
وما نقل عن القاضي عبد الجبار من أنه لا يمتنع عنده أن يأمر الحكيم،