غيري يهتدي إلى ما خفي علي، أو يحدث الله بعد ذلك أمرا.
(القول في مباحث الحقيقة والمجاز) لا يخفى أن من أهم ما يترتب على ما حققناه في مسألتي الوضع والاستعمال معرفة حقيقة الذي يسمى بالمجاز، ولنقدم قبل بيانه خلاصة ما وصل إلينا من كلام محققي علماء الأصول والبيان، ونقول:
قالوا: إن اللفظ إن استعمل فيما وضع له فهو حقيقة، وإن استعمل في غيره بعلاقة معتبرة مع قرينة معاندة فهو مجاز، وإلا فهو غلط.
والمحققون من علماء البيان زادوا قسما آخر، وهو الكناية، وعرفوها بلفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته، فأخرجوها عن حد الحقيقة بكونها مستعملة في غير ما وضع له، وعن المجاز لاعتبارهم فيه القرينة المعاندة، وجعلها بعضهم من أقسام الحقيقة.
ثم اختلفوا في وضع المجازات على أقوال، فالجمهور - كما في الفصول - «على أنها موضوعة بالوضع التأويلي التعييني النوعي، وأن صحته متوقفة على نقل النوع، وخالف في ذلك شرذمة، فاعتبروا نقل الآحاد، ويلزمهم أن تكون المجازات التي أحدثها فصحاء المتأخرين وغيرهم غلطا، وهو غلط».
«وربما فصل بعض الأفاضل بين الألفاظ التي ضبطوا معانيها المجازية كالحروف وصيغ الأمر والنهي وبين غيرها، فاقتصر في الأول على القدر المنقول دون الثاني» (1) انتهى.
وربما يقال بأنه لا يحتاج المجاز إلى وضع آخر، بل هو موضوع بنفس وضع اللفظ للمعنى الحقيقي، فإذا وضع له اللفظ فقد وضع لجميع ما يناسبه، وتوجد