باسمه تعالى وبحمده (القول في المنطوق والمفهوم) 1 - ذكروا لكل منهما حدودا لا يخلو جميعها من الخلل، وقد اعترف به في الفصول، فقال بعد بسط القول في جملة منها:
«الوجه: أن تجعل الحدود لفظية تقريبية» (1) ومثله أو ما يقرب منه مقال غيره.
فإذا اكتفي بهذا، فلا حد أحسن ولا أوضح ولا أخصر من لفظي العنوانين، وإن شئت قلت: هما محدودان لا يحتاجان إلى حد، أو هما حدان ومحدودان معا، لأن الظاهر من المنطوق هو المعنى الذي يفهم من الألفاظ التي نطق بها المتكلم ودلت بأوضاعها عليه. والمفهوم - بقرينة المقابلة - هو المعنى الذي يفهم منها من غير أن يدل بأوضاعها عليه.
فقول القائل: إن جاءك زيد فأكرمه، تدل ألفاظه بأوضاعها على وجوب الجزاء عند حصول الشرط، بخلاف دلالته على عدم الوجوب عند عدمه فإنه معنى يفهم من الألفاظ وتدل عليه لكن لا بأوضاعها، وعليه فكل ما دل عليه بإحدى الدلالات الثلاث فهو من المنطوق، وما دل عليه بغيرها فهو من المفهوم.
فإذن، لك أن تقول: المنطوق ما دل عليه اللفظ المنطوق به، والمفهوم ما فهم منه ولم يدل عليه اللفظ بنفسه فيشمل قسمي المفهوم: الموافقة والمخالفة، سواء كان حكما غير مذكور أو حكما لغير مذكور.
ولا يرد عليه أكثر ما أورد على غيره، فدلالة اللفظ على وجود اللافظ