المعارض له، أو بإعراض الأصحاب عنه، ونحو ذلك، ولا ترى أحدا من متقدميهم ومتأخريهم يسلم منه اجتماع الشرائط، وفقدان الموانع في خبر، ثم يخالفه فيه، ويفتي بخلافه، وإن كنت على شك منه - وحوشيت عنه - فما عليك لو راجعت كتب الأصحاب وتصفحتها بابا بعد باب، فلا ترى أن فعلت في المسائل الخلافية إلا الاتفاق على ما قلناه، ولا يكون سبب الاختلاف إلا الاختلاف في شرطية أمر في الحجية، أو حصول الشرط وعدمه، فمنهم من يكتفي بكون الراوي ثقة وإن كان فاسد المذهب، ويخالفه من يشترط فيه أن يكون إماميا، ويرى أحدهم ضعف محمد بن سنان فيطرح روايته، ويرى غيره خلاف ذلك فيعمل بها، وربما تعارضت الأخبار فاختلفت في جهات الترجيح الأنظار، إلى غير ذلك من الجهات الكثيرة التي ليس المقام مقام عدها واستقصائها.
وعلى هذا المنهج الواضح ترى نهج جميعهم في جميع كتب الفقه من عباداتها، ومعاملاتها، وحدودها، ودياتها، ولا نرى متسما بسمة العلم يسلم صحة الخبر الذي يستدل به خصمه، ويسلم خلوه عن العلة والمعارض، ثم يخالفه، ويذهب إلى غيره إلا أن يكون السيد أو أحد أتباعه، وقد سمعت من الشيخ الوجه في عدم قدح ذلك فيما نحن بصدده.
أو بعد هذا كله يبقى أدنى ريب في أن الخبر الصحيح الخالي عن العلة والمعارض بعنوان أنه خبر كذلك مسلم حجيته عندهم؟ وهل يحسن أن يقاس ذلك بما ذكره الشيخ في رد دعوى الإجماع حتى من السيد وأتباعه؟ وهو قوله:
«ألا ترى أنه لو اتفق جماعة - يعلم رضاء الإمام بعملهم - على النظر إلى امرأة، لكن يعلم أو يحتمل أن يكون وجه نظرهم كونها زوجة لبعضهم، وأما لآخر، وبنتا لثالث، وأم زوجة لرابع، وبنت زوجة لخامس» (1) أليس الفرق بين هذا المثال وبين