بل ربما يظهر ذلك من رواية سماعة، حيث قال (عليه السلام): أسباب الحرمة على سبيل الكلية - هي: الناب، والمخلب، وكونه سبعا، وكونه مسخا، وفرع على القواعد الكلية المذكورة قوله (عليه السلام): " فكل الآن الطير من طير البر ما كان له حوصلة، وطير الماء ما كانت له قانصة كقانصة الحمام، لا معدة كمعدة الإنسان " (1).
يعني لما كان كل هذه الأصناف محرمة، فلا يحل أكل طير ما لم يكن خالصا عن الأمور المذكورة، ولم يكن خالصا ما لم يكن له حوصلة في البري، وقانصة في المائي، ولذا لو كان له معدة كمعدة الإنسان يكون مسخا أو سبعا، وكلمة الفاء تفريع على ما تقدم، وقوله: " الآن " إشارة إلى وقت عدم التحقق الحقيقي والتشخيص الواقعي في معرفة الأشخاص من الكليات المذكورة، والتمييز بينها (2).
ولعل المراد أن الله تعالى جعل في البري عوض معدة الإنسان أو السباع أيضا الحوصلة، فلا ينفك البري الحلال عنها، وفي المائي القانصة، فلا ينفك المائي الحلال عنها، وإن كان في الأكثر منهما اجتمع العوضان.
وأما الصيصية، فلعلها لا تنفك عن أحد العوضين غالبا، فلذا لم يتعرض لذكرها في غير هذه الرواية أيضا، وإن كان ربما تنفع معرفة الصيصية أيضا.
وبهذا ظهر الجمع بين الأخبار، بعد ما يجعل طير الماء في قوله: " فطير الماء " - في رواية زرارة - الطير الذي يؤتى به مذبوحا، بملاحظة صدر هذه الرواية إلى هذا القول، وأن الغالب في البلدان عدم المعرفة به إلا في صورة الإتيان