ومع ذلك نتم التقريب ونقول: هذا نفع قد جره القرض، وكل نفع جره القرض حرام إن كان شرطا وحلال إن كان محض التبرع، فالصغرى من هذا والكبرى من الأحاديث الخارجة.
الثاني: إنهم يدعون الحلية، متشبثين بعموم * (أحل الله) * (1) وغيره، ويقولون: هذا بيع، وكل بيع حلال، فهذا حلال، وغير خفي أن مقتضى العمومات وما يظهر منها كون البيع حلالا بحتا، ومباحا صرفا، وأمرا صالحا، بل ويظهر منها الأجر العظيم، والمدح الجسيم، إذا كان الغرض اكتساب المال، وغير خفي أن ما نحن فيه نوع من اكتسابه.
وهذا الحديث نص في أن ما نحن فيه أمر غير صالح، ويظهر أن القرض أثر فيه هذا الأثر، وأخرجه عن العمومات، لأن الأمر الغير الصالح لا يكون داخلا في الأمر الصالح، فضلا عن أن يكون ممدوحا ومأجورا عليه.
فإن قلت: نؤول العمومات وظواهرها بما يلائم.
قلت: منها ما لا يقبل التأويل، مع أن التأويل ارتكاب خلاف الظاهر، والاستدلال إنما هو بالظاهر، والكلام إنما هو في الاستدلال.
مع أن العمومات يعارضها ما دل على أن كل قرض يجر المنفعة فهو حرام وما يؤدي مؤداه، وغير خفي أن بملاحظة هذا الحديث يرجح دخول ما نحن فيه في هذه العمومات لا ما ذكرتم، مع أن تأويلكم للعمومات فاسد، لأن التأويل فرع تحقق التعارض، ولا تعارض قطعا، إذ لا منافاة بين أن يكون البيع في نفسه أمرا صالحا، وإذا صار شرطا في القرض أو البيع الربوي يصير أمرا غير صالح، وهذا ظاهر.