وقومه ومنهم من يقول: بل هم السحرة وحدهم والكلام محتمل وليس في الظاهر ما يدل على الترجيح وذكروا في قوله: * (وأسروا النجوى) * وجوها. أحدها: أنهم أسروها من فرعون وعلى هذا التقدير فيه وجوه. الأول: قال ابن عباس رضي الله عنهما إن نجواهم قالوا: إن غلبنا موسى اتبعناه. والثاني: قال قتادة إن كان ساحرا فسنغلبه وإن كان من السماء فله أمر. الثالث: قال وهب لما قال: * (ويلكم) * الآية قالوا ما هذا بقول ساحر. القول الثاني: أنهم أسروا النجوى من موسى وفرعون ونجواهم هو قولهم: * (إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم) * (طه: 63) وهو قول السدي. الوجه الثالث: أنهم أسروا النجوى من موسى وهارون ومن فرعون وقومه أيضا وكان نجواهم أنهم كيف يجب تدبير أمر الحبال والعصي وعلى أي وجه يجب إظهارها فيكون أوقع في القلوب للعيوب وهو قول الضحاك.
قوله تعالى * (قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى * فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى) * وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: القراءة المشهورة: * (إن هذان لساحران) * ومنهم من ترك هذه القراءة وذكروا وجوها أخر. أحدها: قرأ أبو عمرو وعيسى بن عمر: (إن هذين لساحران) قالوا: هي قراءة عثمان وعائشة وابن الزبير وسعيد بن جبير والحسن رضي الله تعالى عنه واحتج أبو عمرو وعيسى على ذلك بما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها سئلت عن قوله: * (إن هذان لساحران) * وعن قوله: * (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى) * (المائدة: 69) في المائدة، وعن قوله: * (لكن الراسخون في العلم منهم - إلى قوله - والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) * (النساء: 162) فقالت يا ابن أخي هذا خطأ من الكاتب، وروى عن عثمان أنه نظر في المصحف فقال: أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها، وعن أبي عمرو أنه قال: إني لأستحي أن أقرأ: * (إن هذان لساحران) *، وثانيها: قرأ ابن كثير: (إن هذان) بتخفيف إن وتشديد نون هذان. وثالثها: قرأ حفص عن عاصم إن هذان بتخفيف النونين. ورابعها: قرأ عبد الله بن مسعود: * (وأسروا النجوى، أن هذان ساحران) * بفتح الألف وجزم نونه (و) ساحران بغير لام. وخامسها: عن الأخفش: * (إن هذان لساحران) * خفيفة في معنى ثقيلة وهي لغة قوم يرفعون بها