له ولى من الذل وكبره تكبيرا) * قال صاحب " الكشاف " المراد بهما الاسم لا المسمى والواو للتخيير بمعنى: * (ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) * أي سموا بهذا الاسم أو بهذا أو اذكروا إما هذا وإما هذا والتنوين في * (أيا) * عوض عن المضاف إليه و * (ما) * صلة للإبهام المؤكد لما في أي والتقدير أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم * (فله الأسماء الحسنى) * والضمير في قوله: * (فله) * ليس براجع إلى أحد الإسمين المذكورين ولكن إلى مسماهما وهو ذاته عز وعلا والمعنى: * (أيا ما تدعوا) * فهو حسن فوضع موضعه قوله: * (فله الأسماء الحسنى) * لأنه إذا حسنت أسماؤه فقد حسن هذان الإسمان لأنهما منها ومعنى حسن أسماء الله كونها مفيدة لمعاني التحميد والتقديس وقد سبق الاستقصاء في هذا الباب في آخر سورة الأعراف في تفسير قوله: * (ولله الأسماء الحسنى) * فادعوه بها واحتج الجبائي بهذه الآية فقال: لو كان تعالى هو الخالق للظلم والجور لصح أن يقال يا ظالم وحينئذ يبطل ما ثبت في هذه الآية من كون أسمائه بأسرها حسنة. والجواب: أنا لا نسلم أنه لو كان خالقا لأفعال العباد لصح وصفه بأنه ظالم وجائر كما أنه لا يلزم من كونه خالقا للحركة والسكون والسواد والبياض أن يقال يا متحرك ويا ساكن ويا أسود ويا أبيض فإن قالوا فيلزم جواز أن يقال يا خالق الظلم والجور قلنا فيلزمكم أن تقولوا يا خالق العذرات والديدان والخنافس وكما أنكم تقولون أن ذلك حق في نفس الأمر ولكن الأدب أن يقال يا خالق السماوات والأرض فكذا قولنا هنا، ثم قال تعالى: * (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) * وفيه مباحث:
البحث الأول: قوله: * (ولا تجهر بصلاتك) * فيه أقوال. الأول: روى سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه الآية قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالقراءة فإذا سمعه المشركون سبوه وسبوا من جاء به فأوحى الله تعالى إليه: * (ولا تجهر بصلاتك) * فيسمع المشركون فيسبوا الله عدوا بغير علم: * (ولا تخافت بها) * فلا تسمع أصحابك وابتغ بين ذلك سبيلا. القول الثاني: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالليل على دور الصحابة، وكان أبو بكر يخفي صوته بالقراءة في صلاته وكان عمر يرفع صوته، فلما جاء النهار وجاء أبو بكر وعمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر لم تخفي صوتك؟ فقال أناجي ربي، وقد علم حاجتي وقال لعمر لم ترفع صوتك؟ فقال أزجر الشيطان وأوقظ الوسنان فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يرفع صوته قليلا وعمر أن يخفض صوته قليلا. القول الثالث: معناه: * (ولا تجهر بصلاتك) * كلها * (ولا تخافت بها) * كلها وابتغ بين ذلك سبيلا بأن تجهر بصلاة الليل