الثالث: في * (لدني) * قراءات. الأولى: قراءة نافع وأبي بكر في بعض الروايات عن عاصم: * (من لدني) * بتخفيف النون وضم الدال. الثانية: قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم: * (لندي) * مشددة النون وضم الدال. الثالثة: قرأ أبو بكر عن عاصم بالإشمام وغير إشباع. الرابعة: * (لدني) * بضم اللام وسكون الدال في بعض الروايات عن عاصم وهذه القراءات كلها لغات في هذه اللفظة.
قوله تعالى * (فانطلقا حتى إذآ أتيآ أهل قرية استطعمآ أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا * قال هذا فراق بينى وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) * اعلم أن تلك القرية هي أنطاكية وقيل هي الأيلة وههنا سؤالات: الأول: إن الاستطعام ليس من عادة الكرام فكيف أقدم عليه موسى وذلك العالم لأن موسى كان من عادته عرض الحاجة وطلب الطعام ألا ترى أنه تعالى حكى عنه أنه قال في قصة موسى عند ورود ماء مدين: * (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) * (القصص: 24). الجواب: أن إقدام الجائع على الاستطعام أمر مباح في كل الشرائع بل ربما وجب ذلك عند خوف الضرر الشديد. السؤال الثاني: لم قال: * (حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها) * وكان من الواجب أن يقال استطعما منهم، والجواب أن التكرير قد يكون للتأكيد كقول الشاعر: ليت الغراب غداة ينعب دائما * كان الغراب مقطع الأوداج السؤال الثالث: إن الضيافة من المندوبات فتركها ترك للمندوب وذلك أمر غير منكر فكيف يجوز من موسى عليه السلام مع علو منصبه أنه غضب عليهم الغضب الشديد الذي لأجله ترك العهد الذي التزمه مع ذلك العالم في قوله: * (إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني) * وأيضا مثل هذا الغضب لأجل ترك الأكل في ليلة واحدة لا يليق بأدون الناس فضلا عن كليم الله. الجواب: أما قوله الضيافة من المندوبات قلنا: قد تكون من المندوبات، وقد تكون من الواجبات بأن كان الضيف قد بلغ في الجوع إلى حيث لو لم يأكل لهلك وإذا كان التقدير ما ذكرناه لم يكن الغضب الشديد لأجل ترك الأكل يوما، فإن قالوا: ما بلغ في الجوع إلى حد الهلاك بدليل أنه قال: * (لو شئت لاتخذت عليه