والباقون خلافك زعم الأخفش أن خلافك في معنى خلفك وروى ذلك يونس عن عيسى وهذا كقوله: * (بمقعدهم خلاف رسول الله) * (التوبة: 81) وقال الشاعر: عفت الديار خلافهم فكأنما * بسط الشواطب بينهن حصير قال صاحب " الكشاف " قرىء لا يلبثون وفي قراءة أبي لا يلبثوا على إعمال إذن، فإن قيل: ما وجه القراءتين؟ قلنا: أما السابقة فقد عطف فيها الفعل على الفعل وهو مرفوع لوقوعه خبر كاد والفعل في خير كاد واقع موقع الاسم وأما قراءة أبي ففيها الجملة برأسها التي هي قوله: * (إذا لا يلبثون) * عطف على جملة قوله: * (وإن كادوا ليستفزونك) * ثم قال تعالى: * (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) * يعني أن كل قوم أخرجوا نبيهم من ظهرانيهم فسنة الله أن يهلكهم فقوله: * (سنة) * نصب على المصدر المؤكد أي سننا ذلك سنة فيمن قد أرسلنا قبلك ثم قال: * (ولا تجد لسنتنا تحويلا) * والمعنى أن ما أجرى الله تعالى به العادة لم يتهيأ لأحد أن يقلب تلك العادة وتمام الكلام في هذا الباب أن اختصاص كل حادث بوقته المعين وصفته المعينة ليس أمرا ثابتا له لذاته وإلا لزم أن يدوم أبدا على تلك الحالة وأن لا يتميز الشيء عما يماثله في تلك الصفات بل إنما يحصل ذلك الاختصاص بتخصيص المخصص وذلك التخصيص هو أنه تعالى يريد تحصيله في ذلك الوقت ثم تتعلق قدرته بتحصيله في ذلك الوقت ثم يتعلق علمه بحصوله في ذلك الوقت ثم نقول هذه الصفات الثلاثة التي هي المؤثرة في حصول ذلك الاختصاص إن كانت حادثة افتقر حدوثها إلى تخصيص آخر ولزم التسلل وهو محال وإن كانت قديمة فالقديم يمتنع تغيره لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه ولما كان التغير على تلك الصفات المؤثرة في ذلك الاختصاص ممتنعا كان التغير في تلك الأشياء المقدرة ممتنعا فثبت بهذا البرهان صحة قوله تعالى: * (ولا تجد لسنتنا تحويلا) *.
قوله تعالى * (أقم الصلوة لدلوك الشمس إلى غسق اليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا * ومن اليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا * وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا * وقل جآء الحق وزهق الباطل