لانتفاء غيره والاسم يدل على الذوات والفعل هو الذي يدل على الآثار والأحوال والمنتفي هو الأحوال والآثار لا الذوات فثبت أن كلمة * (لو) * مختصة بالأفعال وأنشدوا قول المتلمس: لو غير أخوالي أرادوا نقيصتي * نصبت لهم فوق العرانين مأتما والمعنى لو أراد غير أخوالي وأما البحث المتعلق بعلم البيان فهو أن التقديم بالذكر يدل على التخصيص فقوله: * (أنتم تملكون) * دلالة على أنهم هم المختصون بهذه الحالة الخسيسة والشح الكامل.
المسألة الثالثة: خزائن فضل الله ورحمته غير متناهية فكان المعنى أنكم لو ملكتم من الخير والنعم خزائن لا نهاية لها لبقيتم على الشح وهذا مبالغة عظيمة في وصفهم بهذا الشيء ثم قال تعالى: * (وكان الإنسان قتورا) * أي بخيلا يقال قتر يقتر قترا وأقتر إقتارا وقتر تقتيرا إذا قصر في الانفاق فإن قيل فقد دخل في الإنسان الجواد الكريم فالجواب من وجوه. الأول: أن الأصل في الإنسان البخل لأنه خلق محتاجا والمحتاج لا بد أن يحب ما به يدفع الحاجة وأن يمسكه لنفسه إلا أنه قد يجود به لأسباب من خارج فثبت أن الأصل في الإنسان البخل. الثاني: أن الإنسان إنما يبذل لطلب الثناء والحمد وللخروج عن عهدة الواجب فهو في الحقيقة ما أنفق إلا ليأخذ العوض فهو في الحقيقة بخيل. الثالث: إن المراد بهذا الإنسان المعهود السابق: * (وهم الذين قالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا) * (الإسراء: 90).
قوله تعالى * (ولقد ءاتينا موسى تسع ءايات بينات فاسأل بنى إسراءيل إذ جآءهم فقال له فرعون إنى لأظنك يا موسى مسحورا * قال لقد علمت مآ أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والارض بصآئر وإنى لأظنك يا فرعون مثبورا * فأراد أن يستفزهم من الارض فأغرقناه ومن معه جميعا * وقلنا من بعده لبنى إسراءيل اسكنوا الارض فإذا جآء وعد الاخرة جئنا بكم لفيفا) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن المقصود من هذا الكلام أيضا الجواب عن قولهم: * (لن نؤمن لك) *