المراد الوقت الذي جعل الله ذلك السد دكا فعنده ماج بعضهم في بعض وبعده نفخ في الصور وصار ذلك من آيات القيامة، والكلام في الصور قد تقدم وسيجئ من بعد، وأما عرض جهنم وإبرازه حتى يصير مكشوفا بأهواله فذلك يجري مجرى عقاب الكفار لما يتداخلهم من الغم العظيم، وبين تعالى أنه يكشفه للكافرين الذين عموا وصموا، أما العمى فهو المراد من قوله: * (كانت أعينهم في غطاء عن ذكري) * والمراد منه شدة انصرافهم عن قبول الحق، وأما الصمم فهو المراد من قوله: * (وكانوا لا يستطيعون سمعا) * يعني أن حالتهم أعظم من الصمم لأن الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به وهؤلاء زالت عنهم تلك الاستطاعة واحتج الأصحاب بقوله: * (وكانوا لا يستطيعون سمعا) * على أن الاستطاعة مع الفعل وذلك لأنهم لما لم يسمعوا لم يستطيعوا، قال القاضي: المراد منه نفرتهم عن سماع ذلك الكلام واستثقالهم إياه كقول الرجل: لا أستطيع النظر إلى فلان.
قوله تعالى * (أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادى من دونى أوليآء إنآ أعتدنا جهنم للكافرين نزلا * قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم فى الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بايات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزآؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا ءاياتى ورسلى هزوا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى لما بين من حال الكافرين أنهم أعرضوا عن الذكر وعن استماع ما جاء به الرسول أتبعه بقوله: * (أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء) * والمراد أفظنوا أنهم ينتفعون بما عبدوه مع إعراضهم عن تدبر الآيات وتمردهم عن قبول أمره وأمر رسوله وهو استفهام على سبيل التوبيخ. المسألة الثانية؛ قرأ أبو بكر ولم يرفعه إلى عاصم: * (أفحسب الذين كفروا) * بسكون السين ورفع الباء. وهي من الأحرف التي خالف فيها عاصما، وذكر أنه قراءة أمير المؤمنين علي بن