والمعنى بئس الرفقاء هؤلاء وبئس موضع الترافق النار كما أنه نعم الرفقاء أهل الجنة ونعم موضع الرفقاء الجنة. وقال آخرون مرتفقا أي متكأ، وسمي المرفق مرفقا لأنه يتكأ عليه، فالإتكاء إنما يكون للاستراحة، والمرتفق موضع الاستراحة والله أعلم.
قوله تعالى * (أولئك لهم جنات عدن تجرى من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الارآئك نعم الثواب وحسنت مرتفقا) * اعلم أنه تعالى لما ذكر وعيد المبطلين أردفه بوعد المحقين وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * يدل على أن العمل الصالح مغاير للإيمان لأن العطف يوجب المغايرة.
المسألة الثانية: قوله: * (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) * ظاهره يقتضي أنه يستوجب المؤمن بحسن عمله على الله أجرا، وعند أصحابنا ذلك الاستيجاب حصل بحكم الوعد وعند المعتزلة لذات الفعل وهو باطل لأن نعم الله كثيرة وهي موجبة للشكر والعبودية فلا يصير الشكر والعبودية موجبين لثواب آخر لأن أداء الواجب لا يوجب شيئا آخر.
المسألة الثالثة: نظير قوله: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * الخ قول الشاعر: إن الخليفة إن الله سربله * سربال ملك به ترجى الخواتيم كرر أن تأكيدا للأعمال والجزاء عليها.
المسألة الرابعة: أولئك خبر إن وإنا لا نضيع اعتراض ولك أن تجعل إنا لا نضيع وأولئك خبرين معا ولك أن تجعل أولئك كلاما مستأنفا بيانا للأجر المبهم واعلم أنه تعالى لما أثبت الأجر المبهم أردفه بالتفصيل من وجوه: أولها: صفة مكانهم وهو قوله: * (أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار) * والعدن في اللغة عبارة عن الإقامة فيجوز أن يكون المعنى أولئك لهم جنات إقامة كما يقال هذه دار إقامة، ويجوز أن يكون العدن إسما لموضع معين من الجنة