أي مقدارا قدره الله وحسبه وهو الحكم بتخريبها. قال الزجاج: عذاب حسبان وذلك الحسبان حسبان ما كسبت يداك وقيل حسبانا أي مرامي الواحد منها حسبانة وهي الصواعق: * (فنصبح صعيدا زلقا) * أي فتصبح جنتك أرضا ملساء لا نبات فيها والصعيد وجه الأرض، زلقا أي تصير بحيث تزلق الرجل عليها زلقا ثم قال: * (أو يصبح ماؤها غورا) * أي يغوص ويسفل في الأرض: * (فلن تستطيع له طلبا) * أي فيصير بحيث لا تقدر على رده إلى موضعه. قال أهل اللغة في قوله: * (ماؤها غورا) * أي غائرا وهو نعت على لفظ المصدر كما يقال: فلان زور وصوم للواحد والجمع والمذكر والمؤنث ويقال نساء نوح أي نوائح ثم أخبر الله تعالى أنه حقق ما قدره هذا المؤمن فقال: * (وأحيط بثمره) * وهو عبارة عن إهلاكه بالكلية وأصله من إحاطة العدو لأنه إذا أحاط به فقد ملكه واستولى عليه ثم استعمل في كل إهلاك ومنه قوله: * (إلا أن يحاط بكم) * (يوسف: 66) ومثله قولهم: أتى عليه إذا أهلكه من أتى عليهم العدو إذا جاءهم مستعليا عليهم. ثم قال تعالى: * (فأصبح يقلب كفيه) * وهو كناية عن الندم والحسرة فإن من عظمت حسرته يصفق إحدى يديه على الأخرى، وقد يمسح إحداهما على الأخرى، وإنما يفعل هذا ندامة على ما أنفق في الجنة التي وعظه أخوه فيها وعذله: * (وهي خاوية على عروشها) * أي ساقطة على عروشها فيمكن أن يكون المراد بالعروش عروش الكرم فهذه العروش سقطت ثم سقطت الجدران عليها ويمكن أن يراد من العروش السقوف وهي سقطت على الجدران. وحاصل الكلام أن هذه اللفظة كناية عن بطلانها وهلاكها، ثم قال تعالى: * (ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا) * والمعنى أن المؤمن لما قال: * (لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا) * فهذا الكافر تذكر كلامه وقال: * (يا ليتني لم أشرك بربي أحدا) * فإن قيل هذا الكلام يوهم أنه إنما هلكت جنته بشؤم شركه وليس الأمر كذلك لأن أنواع البلاء أكثرها إنما يقع للمؤمنين قال تعالى: * (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون) * (الزخرف: 33) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " خص البلاء بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل " وأيضا فلما قال: * (يا ليتني لم أشرك بربي أحدا) * فقد ندم على الشرك ورغب في التوحيد فوجب أن يصير مؤمنا فلم قال بعده: * (ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا) * والجواب عن السؤال الأول: أنه لما عظمت حسرته لأجل أنه أنفق عمره في تحصيل الدنيا وكان معرضا في كل عمره عن طلب الدين فلما ضاعت الدنيا بالكلية بقي الحرمان عن الدنيا والدين عليه. فلهذا السبب عظمت حسرته والجواب عن السؤال الثاني: أنه إنما ندم على الشرك لاعتقاده أنه لو كان موحدا غير مشرك لبقيت عليه جنته فهو إنما رغب في التوحيد والرد عن الشرك لأجل طلب الدنيا فلهذا السبب ما صار توحيده مقبولا عند الله ثم قال تعالى: * (ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله) * وفيه بحثان:
البحث الأول: قرأ حمزة والكسائي: (ولم يكن له فئة) بالياء لأن قوله: * (فئة) * جمع فإذا