حتى أن المحققين قالوا لا مضرة في عبادة شيء من الأصنام مثل المضرة الحاصلة في عبادة النفس ولا خوف من عبادة الأصنام كالخوف من الفرح بالكرامات.
الحجة الحادية عشرة: قوله تعالى: * (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) * وهذا يدل على أن من لم يتق الله ولم يتوكل عليه لم يحصل له شيء من هذه الأفعال والأحوال.
المسألة الثامنة: في أن الولي هل يعرف كونه وليا، قال الأستاذ أبو بكر بن فورك لا يجوز وقال الأستاذ أبو علي الدقاق وتلميذه أبو القاسم القشيري يجوز، وحجة المانعين وجوه:
الحجة الأولى: لو عرف الرجل كونه وليا لحصل له الأمن بدليل قوله تعالى: * (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * لكن حصول الأمن غير جائز ويدل عليه وجوه: أحدها: قوله مالي: * (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) * واليأس أيضا غير جائز لقوله تعالى: * (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) * ولقوله تعالى: * (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) * والمعنى فيه أن الأمن لا يحصل إلا عند اعتقاد العجز، واليأس لا يحصل إلا عند اعتقاد البخل واعتقاد العجز والبخل في حق الله كفر، فلا جرم كان حصول الأمن والقنوط كفرا. الثاني: أن الطاعات وإن كثرت إلا أن قهر الحق أعظم ومع كون القهر غالبا لا يحصل الأمن. الثالث: أن الأمن يقتضي زوال العبودية وترك الخدمة والعبودية يوجب العداوة والأمن يقتضي ترك الخوف. الرابع: أنه تعالى وصف المخلصين بقوله: * (ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) * قيل رغبا في ثوابنا، ورهبا من عقابنا. وقيل: رغبا في فضلنا، ورهبا من عدلنا. وقيل رغبا في وصالنا، ورهبا من فراقنا. والأحسن أن يقال رغبا فينا، ورهبا منا.
الحجة الثانية: على أن الولي لا يعرف كونه وليا، أن الولي إنما يصير وليا لأجل أن الحق يحبه لا لأجل أنه يحب الحق، وكذلك القول في العدو، ثم إن محبة الحق وعداوته سران لا يطلع عليهما أحد فطاعات العباد ومعاصيهم لا تؤثر في محبة الحق وعداوته لأن الطاعات والمعاصي محدثة، وصفات الحق قديمة غير متناهية، والمحدث المتناهي لا يصير غالبا للقديم غير المتناهي. وعلى هذا التقدير فربما كان العبد في الحال في عين المعصية إلا أن نصيبه من الأزل عين المحبة. وربما كان العبد في الحال في عين الطاعة ولكن نصيبه من الأزل عين العداوة وتمام التحقيق أن محبته وعداوته صفة، وصفة الحق غير معللة، ومن كانت محبته لا لعلة، فإنه يمتنع أن يصير عدوا بعلة المعصية، ومن كانت عداوته لا لعلة يمتنع أن يصير محبا لعلة الطاعة، ولما كانت محبة الحق وعداوته سرين لا يطلع عليهما لا جرم قال عيسى عليه السلام: * (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب) *.
الحجة الثالثة: على أن الولي لا يعرف كونه وليا؛ أن الحكم بكونه وليا وبكونه من أهل