قوله تعالى * (واتخذوا من دون الله ءالهة ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا * ألم تر أنآ أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا * فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا * يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا * ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا * لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا * وقالوا اتخذ الرحمن ولدا) * اعلم أنه تعالى لما تكلم في مسألة الحشر والنشر، تكلم الآن في الرد على عباد الأصنام فحكى عنهم أنهم إنما اتخذوا آلهة لأنفسهم ليكونوا لهم عزا، حيث يكونون لهم عند الله شفعاء وأنصارا، ينقذونهم من الهلاك. ثم أجاب الله تعالى بقوله: * (كلا) * وهو ردع لهم وإنكار لتعززهم بالآلهة، وقرأ ابن نهيك: * (كلا سيكفرون بعبادتهم) * أي كلهم سيكفرون بعبادة هذه الأوثان وفي " محتسب " ابن جني كلا بفتح الكاف والتنوين وزعم أن معناه كل هذا الاعتقاد والرأي كلا، قال صاحب " الكشاف ": إن صحت هذه الرواية فهي كلا التي هي للردع قلب الواقف عليها ألفها نونا كما في قواريرا واختلفوا في أن الضمير في قوله: * (سيكفرون) * يعود إلى المعبود أو إلى العابد فمنهم من قال إنه يعود إلى المعبود، ثم قال بعضهم: أراد بذلك الملائكة لأنهم في الآخرة يكفرون بعبادتهم ويتبرؤون منهم ويخاصمونهم وهو المراد من قوله: * (أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون) * (سبأ: 40) وقال آخرون: إن الله تعالى يحيي الأصنام يوم القيامة حتى يوبخوا عبادهم ويتبرؤا منهم فيكون ذلك أعظم لحسرتهم ومن الناس من قال الضمير يرجع إلى العباد أي أن هؤلاء المشركين يوم القيامة ينكرون أنهم عبدوا الأصنام ثم قال تعالى: * (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) * (الأنعام: 23) أما قوله: * (ويكونون عليهم ضدا) * فذكر ذلك في مقابلة قوله: * (لهم عزا) * (مريم: 81) والمراد ضد العز وهو الذل والهوان أن يكونون عليهم ضدا لما قصدوه وأرادوه كأنه قيل: ويكونون عليهم ذلا لهم لا عزا أو يكونون عليهم عونا والضد العون، يقال من أضدادكم أي من أعوانكم وكأن العون يسمى ضدا
(٢٥٠)