عمرو بن عبد الله المقدسي: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام أن قل ليسارة، وكان اسمها كذلك، بأني مخرج منها عبدا لا يهم بمعصية اسمه حيي. فقال: هبي له من اسمك حرفا فوهبته حرفا من اسمها فصار يحيى وكان اسمها يسارة فصار اسمها سارة. وسادسها: أن يحيى عليه السلام أول من آمن بعيسى فصار قلبه حيا بذلك الإيمان وذلك أن أم يحيى كانت حاملا به فاستقبلتها مريم وقد حملت بعيسى فقالت لها أم يحيى: يا مريم أحامل أنت؟ فقالت: لماذا تقولين؟ فقالت: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك. وسابعها: أن الدين يحيا به لأنه إنما سأله زكريا لأجل الدين، واعلم أن هذه الوجوه ضعيفة لأن أسماء الألقاب لا يطلب فيها وجه الإشتقاق، ولهذا قال أهل التحقيق أسماء الألقاب قائمة مقام الإشارات وهي لا تفيد في المسمى صفة البتة.
قوله تعالى * (قال رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ حمزة والكسائي عتيا وصليا وجثيا وبكيا بكسر العين والصاد والجيم والباء، وقرأ حفص عن عاصم بكيا بالضم والباقي بالكسر والباقون جميعا بالضم، وقرأ ابن مسعود بفتح العين والصاد من عتيا وصليا. وقرأ أبي بن كعب وابن عباس عسيا بالسين غير المعجمة والله أعلم.
المسألة الثانية: في الألفاظ وهي ثلاثة: الأول: الغلام الإنسان الذكر في ابتداء شهوته للجماع ومنه اغتلم إذا اشتدت شهوته للجماع ثم يستعمل في التلميذ يقال: غلام ثعلب. الثاني: العتي والعبسي واحد تقول عتا يعتو عتوا وعتيا فهو عات وعسا يعسو عسوا وعسيا فهو عاص والعاسي هو الذي غيره طول الزمان إلى حال البؤس وليل عات طويل وقيل شديد الظلمة. الثالث: لم يقل عاقرة لأن ما كان على فاعل من صفة المؤنث مما لم يكن للمذكر فإنه لا تدخل فيه الهاء نحو امرأة عاقر وحائض قال الخليل: هذه الصفات مذكرة وصف بها المؤنث كما وصفوا المذكر بالمؤنث حين قالوا: رجل ملحة وربعة وغلام نفعة. المسألة الثالثة: في هذه الآية سؤالان: الأول: أن زكريا عليه السلام لم تعجب بقوله: * (أنى يكون لي غلام) * مع أنه هو الذي طلب الغلام؟ السؤال الثاني: أن قوله أنى يكون لي غلام لم يكن هذا مذكورا بين أمته لأنه كان يخفي هذه الأمور عن أمته فدل على أنه ذكره في نفسه، وهذا التعجب يدل على كونه شاكا في قدرة الله تعالى على ذلك وذلك كفر وهو غير جائز على الأنبياء عليهم