لله تعالى ويحصل المقصود منه فهذا ما في هذا الموضع والله أعلم.
المسألة الثانية: قال ابن عباس: * (تؤزهم أزا) * أي تزعجهم في المعاصي إزعاجا نزلت في المستهزئين بالقرآن وهم خمسة رهط قال صاحب " الكشاف ": الأز والهز والاستفزاز أخوات في معنى التهييج وشدة الإزعاج أي تغريهم على المعاصي وتحثهم وتهيجهم لها بالوساوس والتسويلات، أما قوله تعالى: * (فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا) * يقال: عجلت عليه بكذا إذا استعجلته به أي لا تعجل عليهم بأن يهلكوا أو يبيدوا حتى تستريح أنت والمسلمون من شرورهم فليس بينك وبين ما تطلب من هلاكهم إلا أيام محصورة وأنفاس معدودة، ونظيره قوله تعالى: * (ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ) * (الأحقاف: 35) عن ابن عباس أنه كان إذا قرأها بكى وقال: آخر العدد خروج نفسك، آخر العدد دخول قبرك، آخر العدد فراق أهلك. وعن ابن السماك رحمه الله أنه كان عند المأمون فقرأها فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما أسرع ما تنفد. وذكروا في قوله: * (نعد لهم عدا) * وجهين آخرين: الأول: نعد أنفاسهم وأعمالهم فنجازيهم على قليلها وكثيرها. والثاني: نعد الأوقات إلى وقت الأجل المعين لكل أحد الذي لا يتطرق إليه الزيادة والنقصان، ثم بين سبحانه ما سيظهر في ذلك اليوم من الفصل بين المتقين وبين المجرمين في كيفية الحشر فقال: * (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) * قال صاحب " الكشاف ": نصب يوم بمضمر أي يوم نحشر ونسوق نفعل بالفريقين ما لا يحيط به الوصف أو أذكر يوم نحشر ويجوز أن ينتصب بلا يملكون عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده إن المتقين إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة عليها رحال الذهب " ثم تلا هذه الآية. وفيها مسائل:
المسألة الأولى: قال القاضي هذه الآية أحد ما يدل على أن أهوال يوم القيامة تختص بالمجرمين لأن المتقين من الابتداء يحشرون على هذا النوع من الكرامة فهم آمنون من الخوف فكيف يجوز أن تنالهم الأهوال؟
المسألة الثانية؛ المشبهة احتجوا بالآية وقالوا قوله: * (إلى الرحمن) * يفيد أن انتهاء حركتهم يكون عند الرحمن وأهل التوحيد يقولون المعنى يوم نحشر المتقين إلى محل كرامة الرحمن.
المسألة الثالثة: طعن الملحد فيه فقال قوله: * (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) * هذا إنما يستقيم أن لو كان الحاشر غير الرحمن أما إذا كان الحاشر هو الرحمن فهذا الكلام لا ينتظم، أجاب المسلمون بأن التقدير يوم نحشر المتقين إلى كرامة الرحمن أما قوله: * (ونسوق المجرمين إلى جهنم) * وردا فقوله: * (نسوق) * يدل على أنهم يساقون إلى النار بإهانة واستخفاف كأنهم نعم عطاش تساق إلى الماء، والورد اسم للعطاش، لأن من يرد الماء لا يرده إلا للعطش. وحقيقة الورود السير إلى الماء فسمي به الواردون أما قوله: * (لا يملكون الشفاعة) * أي فليس لهم والظاهر أن المراد شفاعتهم لغيرهم