(القصة السادسة قصة إدريس عليه السلام) قوله تعالى * (واذكر فى الكتب إدريس إنه كان صديقا نبيا * ورفعناه مكانا عليا) * اعلم أن إدريس عليه السلام هو جد أبي نوح عليه السلام وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ قيل سمي إدريس لكثرة دراسته واسمه أخنوخ ووصفه الله تعالى بأمور: أحدها: أنه كان صديقا. وثانيها: أنه كان نبيا وقد تقدم القول فيهما. وثالثها: قوله: * (ورفعناه مكانا عليا) * وفيه قولان: أحدهما: أنه من رفعة المنزلة كقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: * (ورفعنا لك ذكرك) * (الشرح: 4) فإن الله تعالى شرفه بالنبوة وأنزل عليه ثلاثين صحيفة وهو أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب وأول من خاط الثياب ولبسها وكانوا يلبسون الجلود. الثاني: أن المراد به الرفعة في المكان إلى موضع عال وهذا أولى، لأن الرفعة المقرونة بالمكان تكون رفعة في المكان لا في الدرجة ثم اختلفوا فقال بعضهم إن الله رفعه إلى السماء وإلى الجنة وهو حي لم يمت، وقال آخرون: بل رفع إلى السماء وقبض روحه سأل ابن عباس رضي الله عنهما كعبا عن قوله: * (ورفعناه مكانا عليا) * قال: جاءه خليل له من الملائكة فسأله حتى يكلم ملك الموت حتى يؤخر قبض روحه فحمله ذلك الملك بين جناحيه فصعد به إلى السماء فلما كان في السماء الرابعة فإذا ملك الموت يقول بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، وأنا أقول كيف ذلك وهو في الأرض فالتفت إدريس فرآه ملك الموت فقبض روحه هناك. واعلم أن الله تعالى إنما مدحه بأن رفعه إلى السماء لأنه جرت العادة أن لا يرفع إليها إلا من كان عظيم القدر والمنزلة، ولذلك قال في حق الملائكة: * (ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته) * (الأنبياء: 19) وههنا آخر القصص.
قوله تعالى * (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية ءادم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسراءيل وممن هدينا واجتبينآ إذا تتلى عليهم ءايات الرحمن خروا سجدا وبكيا) * اعلم أنه تعالى أثنى على كل واحد ممن تقدم ذكره من الأنبياء بما يخصه من الثناء ثم جمعهم آخرا فقال: * (أولئك الذين أنعم الله عليهم) * أي بالنبوة وغيرها مما تقدم وصفه وأولئك إشارة إلى المذكورين