المسألة الثالثة: اللام في قوله: * (لنبلوهم) * تدل ظاهرا على أن أفعال الله معللة بالأغراض عند المعتزلة، وأصحابنا قالوا: هذا محال لأن التعليل بالغرض إنما يصح في حق من لا يمكنه تحصيل ذلك الغرض إلا بتلك الواسطة، وهذا يقتضي العجز وهو على الله محال.
المسألة الرابعة: قال الزجاج: أيهم رفع بالابتداء إلا أن لفظه لفظ الاستفهام، والمعنى لنختبر ونمتحن هذا أحسن عملا أم ذاك، ثم قال تعالى: * (وإن لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا) * والمعنى أنه تعالى بين أنه إنما زين الأرض لأجل الإمتحان والابتلاء لا لأجل أن يبقى الإنسان فيها متنعما أبدا لأنه يزهد فيها بقوله: * (وإنا لجاعلون ما عليها) * الآية ونظيره قوله: * (كل من عليها فان) * (الرحمن: 26) وقوله: * (فيذرها قاعا) * (طه: 106) الآية، وقوله: * (وإذا الأرض مدت) * (الإنشقاق: 13) الآية. والمعنى أنه لا بد من المجازاة بعد فناء ما على الأرض، وتخصيص الإبطال والإهلاك بما على الأرض يوهم بقاء الأرض إلا أن سائر الآيات دلت على أن الأرض أيضا لا تبقى وهو قوله: * (يوم تبدل الأرض غير الأرض) * (إبراهيم: 48) قال أبو عبيدة: الصعيد المستوي من الأرض، وقال الزجاج: هو الطريق الذي لا نبات فيه، وقد ذكرنا تفسير الصعيد في آية التيمم، وأما الجرز فقال الفراء: الجرز الأرض التي لا نبات عليها، يقال: جرزت الأرض فهي مجروزة، وجرزها الجراد والشاء والإبل إذا أكلت ما عليها، وامرأة جروز إذا كانت أكولا، وسيف جراز إذا كان مستأصلا، ونظيره قوله تعالى: * (نسوق الماء إلى الأرض الجرز) * (السجدة: 27).
* (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من ءاياتنا عجبا * إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنآ ءاتنا من لدنك رحمة وهيىء لنا من أمرنا رشدا * فضربنا على ءاذانهم فى الكهف سنين عددا * ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن القوم تعجبوا من قصة أصحاب الكهف وسألوا عنها الرسول على سبيل الامتحان فقال تعالى: أم حسبت أنهم كانوا عجبا من آياتنا فقط، فلا تحسبن ذلك فإن آياتنا كلها عجب، فإن من كان قادرا على تخليق السماوات والأرض ثم يزين الأرض بأنواع المعادن