افتعل منه كقولنا اتبع من قولنا تبع، واعلم أن موسى عليه السلام لما ذكر هذا الكلام قال العالم: * (هذا فراق بيني وبينك) * وههنا سؤالات. السؤال الأول: قوله: هذه إشارة إلى ماذا؟ والجواب من وجهين: الأول: أن موسى عليه السلام قد شرط أنه إن سأله بعد ذلك سؤالا آخر يحصل الفراق حيث قال: * (إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني) * فلما ذكر هذا السؤال فارقه ذلك العالم وقال: * (هذا فراق بيني وبينك) * أي هذا الفراق الموعود. الثاني: أن يكون قوله هذا إشارة إلى السؤال الثالث أي هذا الاعتراض هو سبب الفراق. السؤال الثاني: ما معنى قوله: * (هذا فراق بيني وبينك) *؟ الجواب: معناه هذا فراق حصل بيني وبينك، فأضيف المصدر إلى الظرف، حكى القفال عن بعض أهل العربية أن البين هو الوصل لقوله تعالى: * (لقد تقطع بينكم) * فكان المعنى هذا فراق بيننا، أي اتصالنا، كقول القائل: أخزى الله الكاذب مني ومنك، أي أحدنا هكذا قاله الزجاج، ثم قال العالم لموسى عليه السلام: * (سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) * أي سأخبرك بحكمة هذه المسائل الثلاثة، وأصل التأويل راجع إلى قولهم آل الأمر إلى كذا أي صار إليه، فإذا قيل: ما تأويله فالمعنى ما مصيره.
* (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها وكان ورآءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا * وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينآ أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنآ أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما * وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغآ أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا * ويسألونك عن ذى القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا) * في الآية مسائل: