فرجعا وقوله: * (قصصا) * فيه وجهان: أحدهما: أنه مصدر في موضع الحال أي رجعا على آثارهما مقتصين آثارهما. والثاني: أن يكون مصدرا لقوله فارتدا على آثارهما، لأن معناه فاقتصا على آثارهما. وحاصل الكلام أنهما لما عرفا أنهما تجاوزا عن الموضع الذي يسكن فيه ذلك العالم رجعا وعادا إليه والله أعلم.
قوله تعالى * (فوجدا عبدا من عبادنآ ءاتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما * قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا * قال إنك لن تستطيع معى صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا * قال ستجدنى إن شآء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا * قال فإن تبعتنى فلا تسألنى عن شىء حتى أحدث لك منه ذكرا) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (فوجدا عبدا من عبادنا) * فيه بحثان:
البحث الأول: قال الأكثرون إن ذلك العبد كان نبيا واحتجوا عليه بوجوه. الأول: أنه تعالى قال: * (آتيناه رحمة من عندنا) * والرحمة هي النبوة بدليل قوله تعالى: * (أهم يقسمون رحمة ربك) * (الزخرف: 32) وقوله: * (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك) * (القصص: 86) والمراد من هذه الرحمة النبوة، ولقائل أن يقول نسلم أن النبوة رحمة أما لا يلزم أن يكون كل رحمة نبوة.
الحجة الثانية: قوله تعالى: * (وعلمناه من لدنا علما) * وهذا يقتضي أنه تعالى علمه لا بواسطة تعليم معلم ولا إرشاد مرشد وكل من علمه الله لا بواسطة البشر وجب أن يكون نبيا يعلم الأمور بالوحي من الله. وهذا الاستدلال ضعيف لأن العلوم الضرورية تحصل ابتداء من عند الله وذلك لا يدل على النبوة.
الحجة الثالثة: أن موسى عليه السلام قال: * (هل أتبعك على أن تعلمني) * (الكهف: 66) والنبي لا يتبع غير النبي