السؤال بالأجوبة الشافية الكافية في آخر سورة الشعراء في قوله: * (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم) * (الشعراء: 221، 222) وقد شرحنا هذه الأجوبة هناك فلا فائدة في الإعادة.
المسألة الثالثة: قالت المعتزلة الآية دالة على أن القرآن مخلوق لأن التحدي بالقديم وهذه المسألة قد ذكرناها أيضا بالاستقصاء في سورة البقرة فلا فائدة في الإعادة.
قوله تعالى * (ولقد صرفنا للناس فى هذا القرءان من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا) * وهذا الكلام يحتمل وجوها. أحدها: أنه وقع التحدي بكل القرآن كما في هذه الآية، ووقع التحدي أيضا بعشر سور منه كما في قوله تعالى: * (فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) * (هود: 13) ووقع التحدي بالسورة الواحدة كما في قوله تعالى: * (فأتوا بسورة من مثله) * ووقع التحدي بكلام من سورة واحدة كما في قوله: * (فليأتوا بحديث مثله) * (الطور: 34) فقوله: * (ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل) * يحتمل أن يكون المراد منه التحدي كما شرحناه، ثم أنهم مع ظهور عجزهم في جميع هذه المراتب بقوا مصرين على كفرهم. وثانيها: أن يكون المراد من قوله: * (ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل) * أنا أخبرناهم بأن الذين بقوا مصرين على الكفر مثل قوم نوح وعاد وثمود كيف ابتلاهم بأنواع البلاء وشرحنا هذه الطريقة مرارا وأطوارا ثم إن هؤلاء الأقوام يعني أهل مكة لم ينتفعوا بهذا البيان بل بقوا مصرين على الكفر. وثالثها: أن يكون المراد أنه تعالى ذكر دلائل التوحيد ونفي الشركاء والأضداد في هذا القرآن مرارا كثيرة، وذكر شبهات منكري النبوة والمعاد مرارا وأطوارا، وأجاب عنها ثم أردفها بذكر الدلائل القاطعة على صحة النبوة والمعاد، ثم إن هؤلاء الكفار لم ينتفعوا بسماعها بل بقوا مصرين على الشرك وإنكار النبوة.
يريد (أبى) أكثر أهل مكة * (إلا كفورا) * أي جحودا للحق، وذلك أنهم أنكروا ما لا حاجة إلى إظهاره، فإن قيل كيف جاز: * (فأبى أكثر الناس إلا كفورا) * ولا يجوز أن يقال ضربت إلا زيدا، قلنا لفظ أبى يفيد النفي كأنه قيل فلم يرضوا إلا كفورا.
قوله تعالى * (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا * أو تكون لك