* (حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا) * قرأ عاصم وحمزة والكسائي تفجر بفتح التاء وسكون الفاء وضم الجيم مخففة واختاره أبو حاتم قال لأن الينبوع واحد والباقون بالتشديد واختاره أبو عبيدة ولم يختلفوا في الثانية مشددة لأجل الأنهار، لأنها جمع يقال فجرت الماء فجرا وفجرته تفجيرا، فمن ثقل أراد به كثرة الأشجار من الينبوع وهو وإن كان واحدا فلكثرة الانفجار فيه يحسن أن يثقل كما تقول ضرب زيد إذا كثر الضرب منه فيكثر فعله وإن كان الفاعل واحدا ومن خفف فلأن الينبوع واحد، وقوله ينبوعا، يعني: عينا ينبع الماء منه، تقول نبع الماء ينبع نبعا ونبوعا ونبعا ذكره الفراء، قال القوم أزل عنا جبال مكة، وفجر لنا الينبوع ليسهل علينا أمر الزراعة والحراثة. وثانيها: قولهم: * (أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا) * والتقدير كأنهم قالوا هب أنك لا تفجر هذه الأنهار لأجلنا ففجرها من أجلك. وثالثها: قولهم: * (أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) * وفيه مسائل: المسألة الأولى: قرأ ابن عامر كسفا بفتح السين ها هنا وفي سائر القرآن بسكونها، وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم ها هنا، وفي الروم بفتح السين، وفي باقي القرآن بسكونها؛ وقرأ حفص في سائر القرآن بالفتح إلا في الروم، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي في الروم بفتح السين، وفي سائر القرآن بسكون السين، قال الواحدي رحمه الله كسفا، فيه وجهان من القراءة سكون السين وفتحها، قال أبو زيد يقال: كسفت الثوب أكسفه كسفا إذا قطعته قطعا، وقال الليث: الكسف، قطع العرقوب، والكسفة: القطعة، وقال الفراء: سمعت أعرابيا يقول لبزاز: أعطني كسفة: يريد قطعة، فمن قرأ بسكون السين احتمل قوله وجوها، أحدها: قال الفراء أن يكون جمع كسفة مثل: دمنة ودمن وسدرة وسدر. وثانيها: قال أبو علي: إذا كان المصدر الكسف، فالكسف الشيء المقطوع كما تقول في الطحن والطبخ السقي، ويؤكد هذا قوله: * (وإن يروا كسفا من السماء ساقطا) * (الطور: 44). وثالثها: قال الزجاج: من قرأ: كسفا كأنه قال أو يسقطها طبقا علينا واشتقاقه من كسفت الشيء إذا غطيته، وأما فتح السين فهو جمع كسفة مثل قطعة وقطع وسدرة وسدر، وهو نصب على الحال في القراءتين جميعا كأنه قيل أو تسقط السماء علينا مقطعة.
المسألة الثانية: قوله: * (كما زعمت) * فيه وجوه. الأول: قال عكرمة كما زعمت يا محمد أنك نبي فأسقط السماء علينا. والثاني: قال آخرون كما زعمت أن ربك إن شاء فعل. الثالث: يمكن أن يكون المراد ما ذكره الله تعالى في هذه السورة في قوله: * (أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا) * (الإسراء: 68) فقيل اجعل السماء قطعا متفرقة كالحاصب وأسقطها علينا. ورابعها: قولهم: * (أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) * وفي لفظ القبيل وجوه. الأول: القبيل بمعنى المقابل كالعشير بمعنى المعاشر، وهذا القول منهم يدل على جهلهم حيث لم يعلموا أنه لا يجوز عليه المقابلة ويقرب منه قوله: * (وحشرنا عليهم كل شيء قبلا) * (الأنعام: 111). والقول الثاني: ما قاله ابن عباس يريد فوجا