أحدهما: بمعنى الإنكار والذم، كهذه الآية.
والثاني: بمعنى الاستحسان والإخبار عن تمام الرضا، كقوله عليه السلام: " عجب ربك من شاب ليست له صبوة ".
قوله تعالى: (و إذا ذكروا) أي: إذا وعظوا بالقرآن لا يذكرون ولا يتعظون. وقرأ سعيد بن جبير، والضحاك، وأبو المتوكل، وعاصم الجحدري، وأبو عمران: " ذكروا " بتخفيف الكاف.
(وإذا رأوا آية) قال ابن عباس: يعني انشقاق القمر (يستخسرون) قال أبو عبيدة:
يستسخرون ويسخرون سواء. قال ابن قتيبة: يقال: سخر واستسخر، كما يقال: قر واستقر، وعجب واستعجب، ويجوز أن يكون: يسألون غيرهم من المشركين أن يسخروا من رسول الله، كما يقال:
استعتبته، أي: سألته العتبى، واستوهبته، أي: سألته الهبة، واستعفيته: سألته العفو.
(وقالوا إن هذا) يعنون انشقاق القمر (إلا سحر مبين) أي: بين لمن تأمله أنه سحر.
(إذا متنا) قد سبق بيان هذه الآية.
(أو آباؤنا) هذه ألف الاستفهام دخلت على حرف العطف، كقوله: (أو أمن أهل القرى). وقرأ نافع، وابن عامر: " أو آباؤنا الأولون " بسكون الواو هاهنا و في الواقعة.
(قل نعم) تبعثون (و أنتم داخرون) أي: صاغرون.
(فإنما هي زجرة واحدة) أي: فإنما قصة البعث صيحة واحدة من إسرافيل، وهي نفخة البعث، وسميت زجرة، لأن مقصودها الزجر (فإذا هم ينظرون) قال الزجاج: أي: يحيون ويبعثون بصراء ينظرون، فإذا عاينوا بعثهم، ذكروا إخبار الرسل عن البعث، (فقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين) أي: يوم الحساب والجزاء، فتقول الملائكة: (هذا يوم الفصل) أي: يوم القضاء الذي يفصل فيه بين المحسن والمسئ، ويقول الله عز وجل يومئذ للملائكة: (احشروا) أي: اجمعوا (الذين ظلموا) من حيث هم، وفيهم قولان:
أحدهما: أنهم المشركون.
والثاني: أنه عام في كل ظالم. وفي أزواجهم أربعة أقوال:
أحدها: أمثالهم وأشباههم، وهو قول عمر وابن عباس، والنعمان بن بشير، ومجاهد في آخرين. وروي عن عمر قال: يحشر صاحب الربا مع صاحب الربا وصاحب الزنا مع صاحب الزنا وصاحب الخمر مع صاحب الخمر.