المضيء العظيم غير حي والخسيس المظلم اللطيف من الأجسام حيا دراكا كالذر والبق وما جرى مجرى ذلك فلا تعلق في هذا.
وأما تعلقهم في إثبات تأثيرات هذه الكواكب بحمي الزمان عند قرب الشمس وبرده عند بعدها عن عالمنا وكون الاعتدال في زمن الخريف والربيع عند توسطها فإن ذلك أجمع لا يدل على أن ما يحدث في عالمنا من هذه الأمور من فعلها كما لا يدل حدوث التبريد والتسخين في الأجسام عند مجاورة الثلج والنار على أن ذلك من فعلها وكل شيء نقضنا به على القائلين بفعل الطباع بهذا الاستدلال فهو بعينه ناقض لتعلق المنجمين به.
ومما يدل على ذلك أيضا أن هذه الحوادث الأرضية لا تخلو أن تكون واجبة من ذوات الأفلاك أو عن أكوانها في هذه البروج فإن كانت كائنة موجبة عن ذواتها وجب أن تكون سائر الأجسام موجبة لمثل ما توجبه هذه الأفلاك من هذه الآثار لقيام الدليل على تجانس الأجسام وتماثل جرم المشتري وزحل والشمس والقمر فكان يجب أن يكون تأثير كل شيء منها كتأثير غيره سواء وكذلك سائر أجسام العالم. وعلى أنه لا بد أن تكون ها هنا جهة من قبلها يصح العلم بأن ذوات هذه الأجرام وأنفسها توجب حدوث هذه الآثار وفي تعذر ذلك عليهم دليل على فساد هذه الدعوى.
وإن كانت هذه الحوادث إنما تحدث عن أكوان هذه الأجسام في تلك البروج فيجب أن يكون كون القمر والمشتري في برج الحمل موجبا لما يوجبه كون الشمس فيه لأن كون كل جرم نيرا كان أو غير نير رطبا كان أو يابسا في المكان من جنس كون غيره فيه ألا ترى أن كون الزئبق