عن ذوات أكوانها في البروج ولا كائنة عنها على سبيل الطبع ولا على وجه القدرة والاختيار فلا معنى إذا لنسبة هذه الآثار إلى الأفلاك.
فإن قال قائل منهم ما أنكرتم أن يكون تعلق هذه الآثار بالأفلاك ونسبتها إليها على حسب تعلق الحكم بالعلة ونسبته إليها وذلك ككون العالم عالما والقادر قادرا والمتحرك متحركا والواجب عن العلم والقدرة والحركة لا على سبيل الفعل ولا على سبيل الطبع قيل له لا يجب ما قلته من وجوه.
أحدها أن الحكم عندنا الذي زعمت أنه موجب عن العلة ليس هو شيئا غير العلة بل كون العالم عالما والمتحرك متحركا ليس بمعنى أكثر من وجود الحركة والعلم فقط فيجب على هذا ألا تكون هذه الحوادث الكائنة في الأرض معنى سوى ذوات الكواكب أو كونها في تلك البروج وهذا جهل لا يصير أحد إليه.
والوجه الآخر أن الحكم الواجب عن العلة لا يصح أن ينفصل عن العلة ولا عن الذات التي توجد بها العلة فلذلك لم يجز أن تكون الحركة موجبة لكون غير من وجدت به متحركا وكذلك العلم والإرادة وسائر ما يوجب حكما لا يجوز أنه يوجب حكما في غير محله فيجب إذا كان ذلك كذلك ألا توجب أنفس هذه الأفلاك وكونها في البروج شيئا من التأثيرات إلا في أنفسها ومواضع أكوانها وفي العلم بانفصال هذه الأفعال عن ذوات البروج ومحل أكوانها دليل على فساد تشبيههم ما ادعوه بالعلة والحكم فإن قالوا: أفليس الفعل والعدل والتفضل يوجب كون الفاعل فاعلا والعادل عادلا وإن لم يوجد ذلك في محله لأن الفعل والعدل من الله تعالى منفصل من ذاته تعالى؟.