برج القمر وكائنة في الدقائق التي يكون فيها القمر أن يكون كون الشمس في تلك الدقيقة من فلكها ومن البروج مؤثرا لذلك الحادث متى وجد سواء كان في مقابلة الكائن فيه شيء أو لم يكن وسواء ربع الكواكب أو سدسه لأن الكوكبين في ذلك المكان لا شك من جنس واحد فبطل بذلك ما قالوه.
وعلى أن الفاعل في غيره على سبيل التولد لا يفعل فيه إلا بأن يماسه أو يماس ما ماسه ومحال عند أصحاب التولد أن يخترع فيه الفعل اختراعا بغير مماسة له ولا مماسة لما ماسه فيجب إذا كان كذلك ألا يصح فعل هذه الأفلاك فينا وتأثيراتها في أنفسنا وعالمنا إلا بأن تماسنا أو تماس ما ماسنا لأنه لو جاز أن تفعل فينا بالتولد على غير هذه السبيل لجاز وصح أن نفعل نحن أيضا فيها تأثيرات وحوادث من غير أن نماسها أو نماس ما ماسها وفي تعذر ذلك واستحالته دليل على استحالة فعل هذه الكواكب فينا على هذه السبيل وإذا بطل ذلك صح أنه لا فعل ولا تأثير لهذه الكواكب والأفلاك بحال بتة.
فأما من أقر منهم بالإسلام وأذعن لحدوثها وأنها متعلقة بمحدث أحدثها وزعم أن الله تعالى جعلها دلالة على ما يحدث في العالم في أوقاته فإنه أيضا خبط وتخليط لأن الدليل المتعلق بمدلوله لا بد أن تكون جهة تعلقه به معروفة معلومة كجهة تعلق الكاتب بالكتابة وبكون صانعها عالما ودلالة الحوادث على حدوث ما لا يسبقها ولا يفنك منها ودلالة المعجزات