فوجب دفعها واطراحها.
وكيف يجوز أن يظن بعمر في فضله وتيقظه وصرامته وثاقب رأيه وعلمه بمواقع الخطاب وأحوال الكلام وموارد الأمور ومصادرها أن يناقض بمثل هذه المناقضات في كلامه وهو من أعلمهم بضبط الصحابة وتحصيلهم واستدراكهم للدقيق اللطيف فضلا عن المناقضة الظاهرة وإن كان قاصدا بهذا الكلام القدح في فضلهم وكيف لم يعرف أن القوم يعلمون بأن الكثير البطالة والدعابة لا يحمل الناس على المحجة البيضاء والطريق المستقيم وأن حملهم على هذا المنهاج ضد البطالة والدعابة وتقيضها فلو لم نعلم ضرورة بالروايات المعارضة لهذه الأخبار الواردة عنه في تقريظهم وتعظيمهم لوجب أن ينفى عنه مثل هذه المناقضات فكيف والأمر بخلاف ذلك؟. وكيف يجوز أن يقبل مثل هذا في طلحة مع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من تفضيله له وقوله هذا يوم كله لطلحة ولولا أنه قال حس لطار مع الملائكة وقوله للصحابة وقد أحدقوا به لأخذ درعه وحط السلاح عنه عليكم بطلحة في أمثال لهذه الأخبار معلومة ثابتة؟.
ويكون قاصدا بقوله للزبير ما قاله للتحذير له من التشدد والمضايقة ولم بصفة بالبخل في نفسه لأن الإنسان قد يكون أسخى من الريح الهبوب مع تشدده ومضايقته في المعاملة. وعلى أنه لم يقل فيه إنه قد فعل ذلك أو يفعله وإنما قال لألفي فاعلا على مذهب التحذير. وعلى ذلك تأويل قوله إنه ضرس شرس. وأما قوله يوما شيطان ويوما إنسان وإنه مؤمن الرضا كافر الغضب فإنه أيضا يصف فيه لين أخلاقه تارة وحسن رضا أو شدة غضبه تارة وتعسفه والتحذير له من ذلك إن ولى الأمر.
وكذلك قوله في سعد إنه صاحب قنص وقوس وسهام وإنه صاحب مقنب من مقانبهم وليس بصاحب الجسيم من أمرهم إنه خرج مخرج التحذير له من أن يكون بهذه الصفة إن ولي الأمر والدعاء له إلى ترك الاشتغال