منهم ومن سائر الأمة انقادوا لعثمان وخاطبوه بأمير المؤمنين وعثمان بصفة من يصلح العقد له والعهد إليه وعبد الرحمن في فضله ونبله وسابقته وعلمه وما لا حاجة لنا إلى الإطالة في ذكره من فضائله ممن يصلح لعقد هذا الأمر بل هو من جلة أهل الحل والعقد. وقد ظهر من تبرئه منها وزهده فيها مع كونه مرضيا عندهم وعند سائر الأمة ما يدل على قوة إيمانه وشدة خوفه وحذره وعظيم مناصحته للأمة فهو أبعد الناس من التهمة في هذا الباب وأشدهم إيثارا وتوخيا لأداء الأمانة وحسن النظر للأمة هذا معلوم من حاله وفعله وما بعد ذلك من الروايات التي لا تليق بما وصفناه ملغاة مطرحة.
فإن قالوا أفليس قد روي أن عليا قال لعبد الرحمن لما عقد لعثمان أغدر هذا يا عبد الرحمن وأنكر ما كان منه قيل لهم هذا من الوساوس وحديث النفس لأن المعلوم الذي لا شك فيه مبايعة علي لعثمان وتصرفه معه وإقامته الحدود بين يديه حتى قال كثير من الشيعة إنهم جهلوا الحد فقام يعلمهم وقال آخرون إنه كان في تقية منهم وهذا كله باطل لا سبيل إلى علمه فلا يجوز ترك هذا الظاهر بمثل هذه الروايات هذا لو لم يعارضها من رواية أهل الثبت والثقات ما يطابق الظاهر من فعل علي وانقياده فكيف وقد ورد ذلك بما لا قبل لأحد بدفعه وذلك أن الصحيح في هذا ما روي أن عليا عليه السلام قال لعبد الرحمن بن عوف بعد أن عرض عليه البيعة على شرط ما روي عنه أنه شرطه فأباه علي والتزمه عثمان فقال له علي عليه السلام بايع أخاك فقد أعطى الرضا من نفسه واستخر بالله وأصفق على يده وهذا أشبه بقول علي وفعله.
وكذلك إن قالوا أفليس قد روي أن عليا عليه السلام كان يقول أيام الشورى نشدتكم بالله هل فيكم من قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (من كنت مولاه فعلي مولاه) مناديا بذلك ورافعا صوته غيري فكيف يكون راضيا بما صنعوه قيل لهم إن هذه الرواية من جنس روايتكم أنه تأخر عن بيعة أبي بكر وأن عمر رفض فاطمة وأنها سقطت وأنهم أحضروا عليا إلى