الرحمن بن عوف لعلمه بأمانته وثقته وأنه مرضي عند الكافة وأزهدهم في هذا الأمر على أن هذه الرواية شاذة غير معلومة ولم يكن يبعد إذا اعتقد هذا أجمع في عبد الرحمن أن ينص عليه أو يعهد إليه وظاهر الفعل المتفق عليه يدل على اعتدالهم في نفسه وتقاربهم في المنزلة وما يحتاج إليه من صلاح الأمة.
وإذا كان ذلك كذلك وكان عمر بما قدمناه إماما عدلا مرضيا وقد خالف من الأمر ما وصفه وعلم احتياطه وجب أن يكون جعله لها شورى إحدى فضائله ومناقبه ومضافا إلى ما سلف من إنعام نظره للمسلمين ونصحه إياهم.
فإن قالوا كيف يجوز أنه يكون قاصدا للمصلحة وحسن النظر للأمة بهذا القول مع ما روي عنه من ذمة لجميع أهل الشورى ووصفه لهم بأنهم لا يقومون بالإمامة ولا يصلحون لها نحو ما روي عنه أنه أمر بهم يوما وهم مجتمعون فأقبل عليهم وقال لهم أكلكم يطمع في هذا الأمر؟
أما قول وأن طلحة قال له إن رأيت أن تكف عنا القول فافعل فإنك لا تقول خيرا وأن الزبير قال له قل وما عساك أن تقول فقال لطلحة ما أنت فما أعرفك منذ أن شلت يمينك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البأو والكبر الذي أحدثته ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليك غضبان لما قلت ما قلت حتى نزلت آية الحجاب ثم قال للزبير وأما أنت فإنك مؤمن الرضا كافر الغضب يوما شيطان ويوما إنسان فمن للمسلمين يوم تكون شيطانا وأقبل على عثمان فقال له أما أنت فوالله لئن وليت هذا الأمر لتحملن بني أبي معيط على رقاب الناس وليأكلن مال الله ولتسيرن العرب إليك ولتقتلنك والله لئن فعلت ليفعلن ثم أخذ لحيته فهزها ثم قال اذكرني إذا كان ذلك يا ابن عفان!
ثم أقبل على علي فقال له وأما أنت يا علي فلئن وليتهم لتحملنهم على المحجة البيضاء والطريق المستقيم وما يقعدك عن هذا إلا دعابة فيك وأنك