بصفة من يصلح لهذا الشأن.
فإن قالوا فما الدليل على أن لعمر أن يجعلها شورى في نفر من المسلمين؟.
قيل لهم ليس الكلام في تصحيح الشورى مما يحتاج إليه في إثبات إمامة عثمان لأن الستة الذين هم أهلها كانوا أفضل الأمة وأحق الناس بهذا الأمر وبالنظر فيه فلو أنهم اجتمعوا بأنفسهم ونظروا في أمر إمامتهم وعقد عبد الرحمن أو غيره لواحد منهم لتمت بيعته ولزم الانقياد له.
فلو اعترفنا بغلط عمر في جعله شورى فيهم لم يضر ذلك بصحة عقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان رضي الله عنهما غير أن البراهين الواضحة ودلت على صوابه وتسديد رأيه وشدة احتياطه للأمة لأنه كان له أن يعهد إلى واحد منهم فلما ترجح الأمر في نفسه وأشكل عليه ولم يرد صلاح الأمة على أيهم يكون أكثر وخاف هرجا وفسادا بعهده وعلم أنهم أفاضل الأمة وبلغه أن قوما يخوضون في أمر الإمامة يريدون إخراجها عن جميع الستة وأخبره بذلك عبد الرحمن وغيره فقام في الناس خطيبا بفضلهم وأخبرهم أن الأمر لا يعدوهم وأنه فيهم فقال لهم في خطبته المشهورة ألا وأني رأيت كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين وما أظن ذلك إلا اقتراب أجلي ألا وإني جعلت الأمر شورى في هؤلاء الستة الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض وقد بلغني أن قوما يقولون لئن مات عمر لنولين فلانا أولئك أعداء الله الضلال الجهال والله لقد جالدتهم بيدي هذه على الإسلام.