وجعله على مقدار ما وإيقاعه بحسب قصده وإرادته.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى «ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم» يريد تعالى باختلاف الألسن عند كافة أهل التأويل اختلاف اللغات والكلام بالألسن ولم يرد اختلاف مقاديرها لأنه يبطل معنى تخصيص اختلاف الألسن بكونه آية له فلما كان كلامنا المختلف من آياته وجب أن يكون خلقا له تعالى.
ويدل ذلك أيضا على قوله تعالى «وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير». يقول تعالى كيف لا أعلم ما تسرونه وتخفونه من القول وأنا الخالق له لأن خلقه لموضع القول لا يدل عندنا وعندهم على العلم بما فعل فيه كما لا يدل عندهم بناء الدار وعمل الطوب على علم فاعله بما أودعه غيره وجعله فيه. والله تعالى جعل كونه خالقا دليلا على علمه فيجب أن يكون إنما عنى خلقه نفس القول دون خلقه مكانه وموضعه.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى «هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض». ففي أن يكون خالقا غيره كما نفى إلها غيره في قوله «من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه».