فإن قالوا لا نعقل معنى قولكم اكتسب الفعل حتى نعقل الأمر به والنهي عنه.
قيل لهم معنى الكسب أنه تصرف في الفعل بقدرة تقارنه في محله فتجعله بخلاف صفة الضرورة من حركة الفالج وغيرها. وكل ذي حس سليم يفرق بين حركة يده على طريق الاختيار وبين حركة الارتعاش من الفالج وبين اختيار المشي والإقبال والإدبار وبين الجر والسحب والدفع وهذه الصفة المعقولة للفعل حسا هي معنى كونه كسبا. فلا معنى لدعواكم أن ما نقوله غير معقول.
فإن قالوا الدليل على أن الله غير خالق لأفعال العباد أن منها الظلم والجور والفساد. فلو كان خالقا لها لكان بخلق الظلم والجور والسفه ظالما جائرا سفيها. فلما لم يجز ذلك صح ما قلناه.
يقال لهم لم قلتم إن هذا واجب وما دليلكم عليه؟.
فإن قالوا لأن فاعل الظلم منا ظالم وفاعل الجوز منا جائر.
قيل لهم: ما أنكرتم أن يكون فاعل الظلم والجور منا ظالما جائرا لأنه منهي عنه وفاعل له في نفسه ولنفسه والقديم تعالى يخلق الظلم والجور والسفه جورا وظلما وسفها لغيره لا لنفسه ولا في نفسه. وهو