تعالى غير مأخوذ بذلك ولا مطالب بتركه ولا مخالف بفعله أمر من يلزمه طاعته والانقياد له. فبطل ما قلتم.
ثم يقال لهم: إن وجب أن يكون الباري بفعل الظلم ظالما قياسا على الشاهد وجب أن يكون بفعل الإرادة لغيره مريدا وبفعل فساد الزرع ودم الحيض الذي هو أدى كما أخبرنا مريدا مؤذيا مفسدا لأن فاعل الإرادة والأذى والفساد منا مفسد مؤذ مريد. فإن مروا على ذلك فارقوا الدين وإن أبوه لعله ما تركوا التعلق بالوجود.
ويقال لهم فيجب على اعتلالكم أن يكون الباري سبحانه بخلقه حركة غيره وموته وحياته وعلمه وجهله وصحته وسقمه وجنونه وهوسه ولونه وضرورته متحركا متلونا وحيا وميتا ومضطرا وصحيحا وسقيما. فإن مروا على ذلك فارقوا الدين وإن أبوه تركوا اعتلالهم.
ويقال لهم قولنا ظالم وجائر إنما أخذ في اللغة من جار وظلم ولم يؤخذ من فعل الجور والظلم كما أن قولنا ضارب ومتلون ومتحرك إنما أخذ من قولنا تحرك وضرب وتلون لا من خلق الحركة والضرب واللون وفعل ذلك. فكما جاز أن يخلق الحركة واللون والضرب من ليس بضارب متلون متحرك جاز أيضا أن يخلق الظلم والجور من ليس بظالم ولا جائر. ولا جواب عن ذلك.